أسامة الرنتيسي –
الأول نيوز – سجل الأردن الأربعاء نقطتين في مرمى الكيان الصهيوني إنسجامًا مع الموقف الرسمي والشعبي المتحدان في رفض العدوان البشع على الشعب الفلسطيني ومجازر غزة، ورسالة إلى “إسرائيل” أوَلًا والمجتمع الدولي ثانيًا أن المكيال قد طفح ولا يمكن استمرار الكيل بمكيالين وقبول ما يجري من عدوان وإبادة يتعرض لهما الشعب الفلسطيني في غزة.
الخطوة الأولى؛ وحتى إن جاءت متأخرة قليلًا، فاستدعاء السفير الأردني في تل أبيب وطرد السفير الصهيوني من عمان، خطوة لا بد من تقديرها عاليا والبناء عليها في قابل الأيام.
والخطوة الثانية؛ مشاركة وزير الاتصال الحكومي والناطق الرسمي للحكومة الأردنية الدكتور مهند المبيضين في وقفة نقابة الصحفيين الاحتجاجية على العدوان البشع على شعبنا في غزة.
استدعاء سفيرنا وطرد سفير الكيان ومشاركة الحكومة في وقفة احتجاجية لها فعلها الحقيقي وبعدها السياسي أعمق من النظر لها بأنها حركات رمزية. استجابة الموقف الرسمي لطلب الموقف الشعبي الذي كان أهم المطالب باستدعاء سفيرنا من تل أبيب وطرد سفير العدو، تحقق بعد توحد الموقفين قيادة وحكومة وشعبا، في رفض هذا العدوان البشع، والوقوف بوضوح مع حق الشعب الفلسطيني في الحرية والدولة المستقلة.
أما مشاركة وزير في الحكومة وناطق باسمها في وقفة احتجاجية واعتصام سلوك سياسي رفيع يدل على حجم الرفض الرسمي للعدوان على الشعب الفلسطيني.
هذه الخطوات الأردنية يجب البناء عليها كثيرا، وأهم أسس البناء تمتين وتحصين الجبهة الداخلية من التشكيك في الموقف الأردني، الذي كان الموقف الوحيد المتفرد الذي توقع هذا الانفجار قبل أسابيع عندما خاطب الملك العالم عبر منبر الأمم المتحدة، متسائلا إلى أين نحن سائرون ؟! محذرا من انفجار قريب لم يتأخر كثيرا.
تمتين الجبهة الداخلية بالابتعاد عن مظاهر التكسب السياسي من قبل قوى سياسية تعمل في لحظات على تأزيم الوضع الداخلي، وتدعو إلى ممارسات غير منتجة أبدا، مثل الدعوات إلى اختراق الحدود، وهي دعوات مثل الذي يرمي نفسه إلى التهلكة، فالعدو الصهيوني الذي يقذف عصفورا متحركا بصاروخ لن يكون عاقلا أمام من يحاول كسر الحدود، وقد فعل ذلك على الحدود اللبنانية قبل سنوات وقتل كل من اقترب من الحاجز الحديدي.
تمتين الجبهة الداخلية، بالقناعة المطلقة أن مشاعر جنود وضباط الجيش العربي ورجال الأمن عموما لا تختلف في النظر إلى ممارسات العدو الصهيوني، وهو عدو لهم في الفكر والعقيدة قبل أن يمارس هذه المجازر البشعة، فكيف وهو يقتل أخيهم الفلسطيني الملتحم معهم في علاقة دموية أخوية وأسرية وجغرافية لا فكاك منها.
لنقدر عاليا الموقف الرسمي الأردني، قيادة وحكومة وشعبا ومجلس أمة، فما يفعله الأردن على الصعد كافة في الموضوع الفلسطيني يتجاوز إمكاناته وحدود الأمن والأمان لحياة الأردنيين عموما، ومن يطالب أكثر من ذلك كأنه يدفع الأمور إلى تصعيد وتَأزيمٍ غير معروفة عواقبهما.
الدايم الله..