أسامة الرنتيسي –
الأول نيوز – لم يسلم حتى حزب الله حاكم ضاحية بيروت الجنوبية التي تم فيها اغتيال صالح العاروري من الاتهام بأن له صلة في العملية.!
هذه التهمة قالها كثيرون من غير المتفقين مع خط حزب الله ونصرالله، وخط محور المقاومة.
شخصيا؛ أستبعد تماما أن يقوم أي من المحسوبين على حزب الله بهذا السلوك الجاسوسي، ولكن يبدو أن الجاسوس يسكن في الضاحية، ويعلم علم اليقين عن تحركات العاروري وجماعة حماس في الضاحية، وهذا يتحمله الحس الأمني الضعيف عند معظم قادة العمل السياسي الفلسطيني، خاصة جماعة الإسلام السياسي من حماس والجهاد.
اغتيال الشهيد العاروري تكرر سابقا بالطريقة ذاتها مع قائد الجبهة الشعبية الشهيد أبو علي مصطفى في 27 آب (أغسطس) 2001 في مدينة البيرة الفلسطينية إذ تم اغتياله في مكتبه بصاروخ دخل من شباك العمارة.
كما أن اغتيال العاروري ذكرني فورا باغتيال زعيم الجهاد الإسلامي الدكتور فتحي الشقاقي، فملامح وجهه حتى الآن لا أنساها – في يوم 1995/10/25 – عندما وصلنا إلى مالطا قادمين من ليبيا، حيث أراد أن يمكث فيها أياما، ليغادرها بعد ذلك إلى دمشق.
يومها؛ قلت للشقاقي أين حرسك ومرافقوك، ألا تقلق مما يفعله الكيان الصهيوني الذي يصطاد علماء الشعب الفلسطيني وقادته البارزين كالعصافير، من دون أية تكاليف أمنية، خاصة من كانوا منضوين تحت جناح الإسلام السياسي؟!
حضرت مؤتمرين في ليبيا كان يشرف على تنظيمهما متعهد المؤتمرات جورج حاوي أمين عام الحزب الشيوعي اللبناني، الذي اغتيل في بيروت في ٢٠٠٥/٦/٣١.
كان مؤتمر ليبيا يعقد بعنوان مؤتمر الحوار الثوري العربي الديمقراطي برعاية الزعيم الليبي السابق معمر القذافي، بحضور معظم قيادات الأحزاب الشيوعية العربية وقادة العمل الوطني الفلسطيني والعربي.
من بين حاضري المؤتمر كان الدكتور فتحي الشقاقي، وهو ليس كباقي القيادات الفلسطينية فقد كان يحضر من دون مرافقين أو حراسات، وعندما سألته يوما ألا تخشى من أعيُن الموساد يا دكتور، وكيف تتحرك منفردا من دون حراسات، كان جوابه وجواب معظم أتباع الإسلام السياسي، الأعمار مقدرة والله الحامي.
بعد أن انتهت أعمال المؤتمر في العاصمة طرابلس عدنا بحرا إلى مالطا، ومنها عدنا إلى دمشق، فعمان، في اليوم الثاني علمنا أن الدكتور فتحي الشقاقي، لم يغادر مالطا حيا، حيث اغتاله الموساد بوساطة شخص أطلق خمس رصاصات على رأسه من مسافة صفر، قبل أن يفرَّ على دراجة نارية كانت تنتظره مع عنصر موسادي آخر ، ثم تركا الدراجة بعد عشر دقائق قرب مرفأ للقوارب، حيث كان في انتظارهما قارب مُعدّ للهروب.
تذكرت الشقاقي، بعد الخسارة المجانية لقائد من وزن العاروري نحن في أمس الحاجة له في هذه الظروف الصعبة، لكي لا يبقى القادة والعلماء الفلسطينيون والعرب لقمة سائغة وسهلة للموساد الصهيوني، وحتى تطور حركات الإسلام السياسي من فهمها لمسألة الأمن والحماية.
الأعمار مقدرة عند الله، لكن الاحتياطات واجبة في مثل هذه الحالات.
الدايم الله….