أسامة الرنتيسي –
الأول نيوز – 100 يوم من العدوان لا تختلف عن “مئة عام من العزلة”.. التي حول فيها غابرييل ماركيز الخيال إلى واقع؟.
كان خيالا ما وقع في 7 أكتوبر، فلا الاستخبارات الصهيونية والأميركية والأوروبية وحتى العربية كان في ذهنها أن يقع ما وقع، فتية فلسطينيون لا يتجاوز عددهم 1200 مقاوم يهزون عرش دولة الاحتلال ويقهرون جيشها، ويسقطون شعار “الجيش الذي لا يقهر”، فبعد أن قُهر في الكرامة ها هو يقهر مرة أخرى في “طوفان القدس..”..عفوا الأقصى …
ملحمة بطولية بكل الاعتبارات والتخطيط والتنفيذ، لكن العقل المؤامر لم يتركها وشأنها، فدخلت عليها حسابات الترتيب والتنسيق والتخطيط الدولي، بدءا من أن المشروع مرتب منذ البداية كي يتم ضرب اليمين الصهيوني المتطرف، إلى مخطط تهجير الفلسطينيين من غزة إلى سيناء، ودخل بينهما مشروع قناة بن غوريون، ووادي غزة، وغاز البحر الأبيض المتوسط.
100 يوم من أبشع عدوان ترتبكه دولة الاحتلال ضد الشعب في غزة والضفة الفلسطينيتين، مارست فيه إبادة جماعية ها هي تحاكم عليها أمميا في محكمة العدل الدولية بفضل إصرار دولة محترمة هي جنوب أفريقيا، وها هو النتن ياهو يحاول أن يقطع الطريق على أي قرار مرتقب من أن لا شيء يفرض عليه وقف الحرب إلا بعد أن يحقق أهدافه بالقضاء على حماس وإعادة الأسرى والمحتجزين، لكنه بالفعل حقق أشياء لم يعلن عنها مثل تدمير 80 % من بيوت غزة، وتحطيم بنية القطاع التحتية، وتحويله إلى مكان لا يصلح للحياة البشرية، بعد تحطيم وتدمير المدارس والشوارع والمستشفيات والكنائس والمساجد وكل ما له علاقة بالحياة.
100 يوم من العدوان، ولا يزال الشعب الفلسطيني في غزة يرفع شارة النصر والصمود على الأرض، برغم ما تعرض له من تقتيل وتشريد ومجازر أفنت عائلات بأكملها، وبرغم أكثر من “24” ألف شهيد و”7″ آلاف مفقود تحت الأنقاض، ونحو “60” ألف جريح ومصاب، وبرغم الجوع والعطش وقلة الأدوية وعناصر الحياة جميعها لا يزال الغزي ينتظر الفرج، بعد أن كثر تُجار الحروب الاستغلاليون فضاعفوا سعر كيس الطحين، وتزايد تجار الترحيل عبر معبر رفح ورفعوا رشاواتهم إلى 10 آلاف دولار للشخص الواحد، وغاب كل ما له علاقة بالحكومة التي كانت تحكم غزة.
100 يوم على العدوان، والتآمر الدولي حاضر، والصمت العربي مريب، والمصالحة الفلسطينية غائبة.
100 يوم من العدوان، ولا يزال المعلقون والمحللون والخبراء العسكريون والاستراتيجيون يدغدغون العواطف أكثر مما يتحدثون في واقع ما يجري.!
100 يوم من العدوان، ولا تزال طنجرة الطفل الغزي فارغة من الطعام، ولا تزال أمه تحرك الحجارة في القدر في انتظار مرور ابن الخطاب، ولا يزال مليارا عربي ومسلم لا يستطيعون إدخال عبوة ماء لقطاع يموت إنسانه عطشا وجوعا، لكنه سينتصر في النهاية.
الدايم الله….