أسامة الرنتيسي –
الأول نيوز – خلال اتصالات يومية مع الأهل والأقارِب في غزة، نسمع معلومات كارثية أكثر مما تلتقطه عدسات الزملاء في “الجزيرة” مع التقدير العالي للجهد الخارق الذي فعلته محطة “الجزيرة” في هذا العدوان، ولولاها لما شاهد العالم حجم المآسي والقتل والدمار الذي وقع للقطاع المنكوب.
الإجماع على أن ما تسجله وسائل الإعلام لا يتجاوز ربع الكارثة التي لحقت بالأهل والأرض والشجر والحجر في قطاع غزة، فاجتهاد الإعلام على ما يصلهم، والوصول لكامل الحقائق مستحيل في ظل بشاعة ما يفعله الاحتلال الصهيوني، وتركيزه على قتل الصحافيين ليصل عدد الشهداء (115 من شهود الحقيقة).
زميلة صحافية في رفح نقلت لي صورة لا يمكن تخيلها لسيدة وصلت من خانيونس إلى رفح الاثنين بعد الإبادة التي بدأت فيها قوات الاحتلال، هاربة محتضنة طفلها المكفن شهيدا بعد أن خطفته من مستشفى في خانيونس وتبحث عن مكان في رفح تدفنه فيه، لأن قوات الاحتلال لم تبق مقبرة في خانيونس إلا وأعادت نبشها عدة مرات، فهي تريد أن تجد مكانا آمنا لجثة طفلها الشهيد في رفح.
وقريبة أخرى شاهدت إعدامات ميدانية لرجال مدنيين في رفح نازحون من خانيونس بعد “الكارثة” التي حلت بجيش الاحتلال، وأدت إلى مقتل 24 جنديا صهيونيا في عملية نوعية هزت الكيان ومرّغت وجوه النتن ياهو وغالانت وغانتس في الوحل.
هذه القريبة، تعيش مع ابنها وبنتيها، وتفكر منذ فترة بالخروج إلى مصر، وتفكر حاليا بإخراج ابنها لوحده، لأن تجار المعبر رفعوا سمسرة الخروج إلى 11 ألف دولار للشخص الواحد، وهي تريد أن تُهرِّب ابنها وتبقى هي وبنتاها لأنها شاهدت أيضا إعدامات ميدانية لرجال في رفح قتلهم جنود الاحتلال بدم صبرا وعمدا.
وأقارب آخرين أساتذة جامعات يقطنون خيما في رفح بعد أن هُجِّروا عدة مرات من شمال غزة، تستمع إلى آهاتهم وكيف وصلت بهم الحال، ولا يجدون ما يسد جوع أبنائهم، ولا حبة دواء لمريض مثلما وصلت الأحوال بشعبنا الفلسطيني في غزة جميعه.
بالمناسبة؛ لأجل خاطر (الدرباشي) ما اقترفته سِيما بَحُّوث المديرة التنفيذية لملف المرأة في الأمم المتحدة من تصريحات تساوي بين الضحية والجلاد سقطة سياسية وأخلاقية لشخصية كانت في يوم ما تمثل الأردن، وكان عليها أن تحترم أولا موقف بلادها المناصر والداعم للشعب الفلسطيني، وثانيا لمهنتها الأكاديمية، وثالثا تحترم أكثر أصولها الفلسطينية.
الدايم الله…