هالة الداوود – الأول نيوز –
قصدتني صبية يافعة طموحة نشيطة، ترى الدنيا بعين الراضية والمجتهدة في نفس الوقت، تكثر من التفكير والتحليل والتخطيط والانتباه لأدق التفاصيل سواء فيما يخص حياتها أو فيما يخص عملها….
بدأنا في حوار جميل وأسئلة كثيرة.
هي تكثر من الاسئلة وتنتظر الاجابات وعند كل سؤال لها ينحرف بنا الحديث في دربٍ آخر أشد اثارة وأكثر دقة، لأننا نتطرق إلى النفس الانسانية كيف تفكر وكيف تتعامل مع الاخرين، وعرجنا في حديثنا على أفكار حول كيف نختلف في التعامل مع تحديات الحياة وكيف يبني كل قائد فريقه وكيف تحيينا كلمة وتقتلنا أخرى .
ولكن في مكان ما من الحديث وصلنا إلى عبارة قلت لها فيها ( لا ترفعي سقف توقعاتك )
وهنا توقفتُ أنا للحظة
ما معنى أن لا ترفع سقف توقعاتك …
كلمة أرددها في محاضراتي وجلساتي وكتاباتي وكلماتي وقبل ذلك كله أرددها لقلبي وعقليّ وأفكاري ولكن كيف يكون ذلك؟
هل يقاس ارتفاع هذا السقف بالمتر أم بالقدم ؟
متى يكون مرتفعاً و متى سيكون منخفضا ؟
ماهي الاعتبارات التي ستجعل هذا السقف يُصنف كسقف توقعات مرتفع وبالمقابل ما الذي سيجعله يصنف كسقف توقعات منخفض؟
كيف سيكون هذا الارتفاع ملازما لطموحاتي وأحلامي وأمنياتي؟ كيف سيكون هذا الارتفاع ملازما لحسن الظن بالله، والذي يتبعه حسن الظن بالناس؟ كيف سأفصل هذا الارتفاع عن التفاؤل وعن حب الناس وحب الحياة والانظلاق نحو المستقبل بقلب مفتوح وعقل متفتح؟
ووجدت أن سقف التوقعات المنخفض له تفسير ربما هو منطقي من وجهة نظري وهو أن تكون قادرا على التكيف السريع وإيجاد تلك الطاقة والوعي داخلك ليساعدانك على تقبل خيبة الأمل وتحملها وبالتالي التعامل مع احزانها وضغوطاتها.
مساحةٌ داخلية في عقلك وقلبك تخبرك أنك لم تخطئ في توقعاتك، حيث أن المعطيات كانت تخبرك بسيناريو محدد من حقك أن تفكر فيه ومن المشروع جدًا حدوثه وتَخَيُـل أنه سيكون واقعًا، والعكس أي عدم حدوثه هو ليس خطأ منك أو من (( سقف توقعاتك العالي)) وإنما الخطأ في مكان آخر في شخص أو توقيت أو مكان وربما ليس هناك خطأ من الأساس وإنما سيناريو آخر أرسلته الحياة يختلف تماما عن الذي كان في عقلنا، وليس بالضرورة أبدًا أن تبدأ بجلد نفسك وتأنيبها ومعاقبتها بإلإضافة إلى خيبتك وحزنك.
تعلم مما حدث ولكن لا تجلد نفسك، تعلم مما حدث لكن لا تقهر طموحك وأمالك ورغبتك في الاستمرار في تحقيق ما تريد والوصول إلى كل أحلامك التي تراها وأنت يقظٌ أكثر مما تراها حين تنام، تعلم إن كان هناك أصلا شي تتعلمه مما حصل وإن لم تجد شيئا تتعلمه تجاوز الأمر برمته واتركه وراءك كمحطة أو كذكرى وامض لأن الحياة لا تتوقف ولا تتمهل ولا يهدأ فيها شيئ، فالشمس ستشرق كل صباح والليل سيأتي لاحقا لها وستلحقه هي في الصباح التالي إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
كلامي ينطبق على أبسط الأمور وعلى أكثرها تعقيدًا، سقف توقعاتي في طعم شطيرة اشتريتها من مطعم قررت الأكل فيه ولم تعجبني إلى سقف توقعاتي في أمر مصيري في هذه الحياة راهنت عليه وخسرت الرهان ……
فقط فكروا أننا لسنا بحاجة لأداة قياس (متر أو تطبيق الكتروني) لقياس سقف توقعاتنا، نحن فقط بحاجة لقوة التقبل وسحره ، نحن بحاجة لخفة الخطوة وسحر القفزة من مساحة إلى أخرى تقع إحداها في دنيا الفرح والأخرى في عالم الخيبة. نقفز من هنا إلى هناك ومن ثم نعود بخفة ورشاقة.
لا تتركوا الخيبة تأخذكم من الفرح والتفاؤل ولا تسمحوا لألم الخسارة أحيانا أن يسلب منكم لذة الاستمرار وحسن الظن بما هو آت.
شاهد أيضاً
العربية في عيدها!
الأول نيوز – د. ذوقان عبيدات – لغتنا: فكرنا، وحضارتنا، وثقافتنا؛ هي كل أدواتنا في …