المهندس سليمان عبيدات –
الأول نيوز – بعد قرار الرئيس الامريكي بايدن بناء ميناء على شواطئ غزة لإيصال المساعدات وإغاثة أهلها؟، بات الاستغراب من هذا التناقض سيد الموقف، فما السر وراء هذا القرار؟، لكونها الداعم والممول الرئيس لحرب اسرائيل على غزة.
الحقيقية ان هذا الحديث لا يستقيم ابدا، مع مواقف امريكا الثابتة طيلة الحرب المستمرة، وما زالت لليوم ترفض كل نداءات العالم لإيقاف هذا العدوان الهمجي، ونعلم ايضا ان الولايات المتحدة اذا ارادت تستطيع وقف العدوان فورا، وفتح كل المعابر لوصول المساعدات.
يُقال بانها “كلمة حق يُراد بها باطل”، لعل هذا الخبر المُعلن يخدم بايدن في الانتخابات على كل الأوجه، فيظن انه يُلمع بعض الشيء من صورته امام جمهور الناخبين الرافض للحرب، وفي الطرف الآخر الحركة الصهيونية يأخذ دعمها بسبب خفايا واسرار ما وراء هذا القرار .
فهل من منطق في هذا الطرح الامريكي والمُرحب به اسرائيليا، وإسرائيل هي من تسبب بالمجاعة وتعمل جاهدة على تفاقمها اكثر وأكثر، كسلاح آخر لإبادة ما تبقى من أهل غزة.
كيف يعيش اهل غزة تحت الحرب وبانتظار وصول المساعدات بعد الشهرين بإشراف امريكي اسرائيلي وهذا اذا وصلت، وأطفال غزة بلا حليب وغزة بلا ماء ولا غذاء ولا كهرباء، ولا منازل تُقيهم من برد الشتاء، ولا مشافي تعالج جراحهم ولا دواء يُداوي مصابهم الجلل.
فهل هناك من سيُصدق هذه الاحُجية بالعالم، والعالم يعلم ما ستأول اليه اوضاع غزة بعد الشهرين .. المجاعة ستتفاقم وسيلقى ربه عشرات الالف من أطفال غزة، والتدمير والتهجير مستمر، كيف لا وقرار الرئيس الأمريكي بأن لا خطوط حمراء امام الدعم العسكري الامريكي لإسرائيل.
فعن أي اغاثة وأي مساعدات يتحدثون …
وكيف لنا ايضا أن نُصدق انسانية الغرب، وقد قزموا كل ما يحدث بغزة واحتلال الاسرائيل لفلسطين، بأنه ازمة انسانية لا يستطيعون حلها مع حليفهم المسبب الوحيد لها على الأرض.
كيف لنا أن نُصدق انسانية الغرب، وهي تتجاهل كل القرارات الدولية التي اقرت بأن اسرائيل تحتل اراضي الشعب الفلسطيني وعلى اسرائيل الانسحاب منها، لكن الأنكى انهم تجاهلوا كل المواثيق والقوانين الدولية التي شاركوا بصياغتها وإقرارها التي منحت الشعوب حق مقاومة المُحتل ومحاربته حتى دحر الاحتلال، وهذا ما ينطبق على شعب فلسطين وفي كل الاراضي العربية المحتلة.
فبالله عليكم في أي عالم وأي زمان نعيش، عندما اصبح مُحاربة المحتل عدوان وارهاب، ووحشية المُحتل وقتله وتجويع الأطفال والنساء والشيوخ وقتلهم بدم بارد، وهدم المنازل على رؤوس ساكنيها دفاعا عن النفس .
الحقيقية الأمر ان الغرب وعلى رأسها امريكا تراكمت عليهم المصائب والخُذلان في الكثير من القضايا، اصبحت تركيا شريك غير موثوق بعد مجيئ اردوغان للسلطة في تركيا، وها هي على ابواب خسارة الحرب في اوكرانيا، والأهم انها فقدت الثقة بالحليف الاسرائيلي كشرطي في الشرق الاوسط قادر على حماية نفسه وحماية مصالح الغرب بعد الامتحان الأخير في طوفان الأقصى والحرب المستمرة منذ ستة اشهر، لذلك ارتأت امريكا وللضرورة المُستعجلة، بناء قاعدة امريكية مُتقدمة لحماية اسرائيل، وحماية مصالحها بالمنطقة، تبدأ في بناء هذا الميناء العسكري المؤقت ليُبرر تواجد قوات امريكية في المنطقة .
والحقيقة الثانية، يبدوا ان الصراع الامريكي الغربي مع الحلف الروسي صيني، بدأ يتطور ويتفاقم العداء بتسارع شديد، حيث يشهد العالم مناورات مشتركة من قبل الطرفين هنا وهناك في المحيطات والبحار استعراضا للعضلات.
لذلك نستطيع ان نتوقع بأن النوايا من بناء هذا الميناء اصبحت واضحة واسراره ومغازيه.
تبدأ أولا في بناء قاعدة امريكية تخدم ادامة احتلال اسرائيل لغزة وتهجير أهلها، وبالتالي التخلص من أي تهديد مُستقبلي والى الابد، وبعدها يتم البدء بتنفيذ قناة بن غوريون التي تُعتبر جزء رئيس من مشروع خط الحرير الهندي الاوروبي، وهذا ما يجعل الاستغناء عن استخدام قناة سويس المصرية ممكنا.
في الختام اقول .. ان كل ما يحصل دفع وسيدفع ثمنه العالم العربي وشعوبه، ولا بد من التفكير العميق والتخطيط والاستعداد للمستقبل القريب والبعيد عربيا، فالحرب بعد غزة لن تنتهي حسب المخطط الامريكي الاستبدادي.
اعان الله امتنا على صحوة مُستدامة، وأن تُكرس جُل اهتمامها لما يخدم مصالحها المشتركة ورفاه شعوبها ومستقبل شبابها، ومواكبة كل التطورات الحاصلة في العالم.
والأهم، الاقتناع بأن امريكا لن تكون صديق ولا حليف لدول ضعيفة، و ستبقى نظرتها للدول حول العالم نظرة المُستعمر المتكبر المُتعالِ الذي يُعزز اقتصاده وقوته العسكرية على حساب قُوت الشعوب. وجدية بالبحث عن اصدقاء وحلفاء حقيقيين تقوم العلاقات على تبادل المصالح معنا بشفافية والند بالند دون المساس بحقوقنا وسيادتنا، ولا يهون عليهم استهبالنا وسلب خيراتنا والتحكم بقراراتنا.