المحامي الدكتور ابراهيم الطهاروة –
الأول نيوز – دائما ما أتوجه لبث الفأل الحسن، واعتدت على تعظيم الايجابيات وتسليط الضوء عليها وقاومت نفسي كثيرا عن الكتابة بما لا يخدم الثقة العامة بمؤسسات الدولة رغم وجود بعض المنغصات والحالات التي لا يمكن تحملها وتقبلها
الا انه وفي الآونة الاخيرة وبسبب تراكم ترهل الادارة العامة وشيوع ثقافة الكسل والخدر حتى أنك تشعر انه (ما حد بده يشتغل) هذه التراكمات التي جعلتني انفجر غضبا وسخطا على من ادخل الاتمتة والحوسبة بأسلوب خاطئ إلى دوائرنا الحكومية بلا جاهزية ولا استعداد ولا بنية تحتية سليمة ولا كوادر بشرية قادرة على التعامل مع التحول الرقمي.
المشكلة ليست في فكرة الأتمتة فهي فكرة خلاقة كنا من السباقين اليها فقد اصبحت معيار تقدم الدول والشعوب ،و الوسيلة للتسهيل على متلقي الخدمة بغض النظر عن ثقافته للوصول إلى النتيجة المرجوة بوقت قليل و جودة عالية بعيدا عن خسارة وقته متنقلا بين موظفي و مكاتب و طوابق الدوائر الحكومية ، المشكلة تكمن بتمسكنا بعقلية التعقيد, عقلية المبرمج الذي يضع الخطوات والمطلوب ادخاله من بينات ومعلومات مع الحفاظ على كثرة التفاصيل , عقلية الحاذق الذي يريد ان يكون البرنامج عملا عملاقا بصعوبة التعامل معه والمتطلبات التي لا بد من تجهيزها,
كما ان هذه التطبيقات الجامدة التي لا تعرف الحلول والبدائل والتي وضعت للتعنت والتنكيد على المواطنين اتت من عدم منطقية الطلبات التي تشترطها فمثلا عند طلب رخصة مهن من احدى البلديات او امانة عمان وهي جهات مربوطة بدائرة الاراضي وفقا لآخر تحديث فإن التطبيق يطلب منك رقم سند تسجيل محدث ولا يكتفي بإدخال معلومات قطعة الارض، وبعد هذه المهمة العظيمة التي تتطلب استخراج سند تسجيل حديث يطلب منك التطبيق اذن اشغال ساري المفعول ثم وبشكل غير منطقي وقبل اكمال المعاملة يطلب التطبيق منك رقم رخصة الانشاءات وان كنت مستأجرا وليس لديك نسخة عن هذه الرخصة لا تستطيع اكمال المعاملة.
والغريب أنه منطقيا لا يصدر اذن الاشغال بدون رخصة انشاءات وطالما تم ادخال طلب اذن الاشغال المعد من قبل المالك لماذا تطلب رخصة الانشاءات مجددا من المستاجر هذا مثال وليس حصر للمشاكل التي تعبر في جوهرها عن منهجية التعقيد في المعاملات الحكومية والتي وان تم تقديمها الكترونيا الا انك تجد المراجعين بشكل مستمر في الدوائر الحكومية لانجاز هذه المعاملات والسبب ان من نفذ هذا النظام الالكتروني قد يكون مؤهل فنيا لكنه ليس مؤهلا للتعامل مع الجمهور خلف الشاشة فعند تقديم معاملة يتم رفض المعاملة لوجود نقص فيها وعند استكمالها يعيدها مرة اخرى لوجود نقص اخر -وهكذا قس عليها في جل الدوائر- حتى يخطر في بالك ان “تكسر الشاشة” وتترك هذه المعاملة نهائيا (ويرحم مرت ابوي الاولة).
الا يوجد في كل الدورات التي تنظم و يتم الانفاق عليها لتأهيل الموظفين فنيا دورة وحدة للتعامل مع الجمهور خلف الشاشات وكتابة كل الملاحظات دفعة واحدة بمصطلحات يفهمها المواطن الماقت للبيروقراطية و الراجي للبساطة و السهولة في الحصول على طلبه ؟ .
الحل :
أولا : ان نعترف بوجود المشكلة وهي التعقيد و عدم تنظيم دراسة من قبل المؤهلين مسبقا ليترجمها المبرمجين لاحقا ومن ثم وجود تغذية راجعة تعالج الاخطاء و الشكاوى في كل الاجراءات الالكترونية للوزارات والبلديات والمؤسسات العامة بما يراعي مصالح المتلقي وازالة كل الشروط والمتطلبات التعقيدية واللا منطقية
ثانيا :التأكد من مشروع الربط الوطني وجاهزية هذا المشروع وصحة الربط بما لا يعطل المراجعين كما حدث في النظام الموحد لخدمات البلديات في الربط مع دائرة الاراضي والمساحة ودائرة مراقب عام الشركات وغيرها
ثالثا :اعداد الموظفين للتعامل مع الجمهور خلف الشاشات بما يسهل عليهم ولا يزيد من الصعوبة و يجبرهم على مراجعة الدوائر الحكومية في النهاية لإنجاز معاملاتهم .
رابعا :مراجعة شاملة لكافة المتطلبات والشروط لكل معاملة بما يحقق السهولة والسلاسة في كافة مرافق الدولة وقصر المتطلبات على الضروريات بلا (فزلكات)
ان الاتمتة والحوسبة والحكومة الالكترونية ضرورة ملحة علينا الاسراع بعملية الاصلاح في اركانها حتى لا تكون من ضمن اسباب نفور المستثمرين وتطفيش ويأس كل من يرغب في إنشاء مشروع او اجراء معاملة, يكفي تنكيلا بالمواطنين فالاوضاع لا تحتمل.