التعليم والمجتمع…الاشتباك من المسافة صفر

الاول نيوز – محمد موسى المرقطن –

 

منذ مطالع القرن العشرين والتعليم بجميع مساراته يحظى باهتمام كبير، وقد تزايد هذا الاهتمام مع ازدياد التعقيد في المعارف والمكتشفات العلمية المعتمدة على التكنولوجيا التي تشهد حاليًا تسارعًا منقطع النظير في ظل ثورة الإنفوميديا التي يعيشها العالم بأسره، وبمرافقة ذلك كله كان الاعتناء بالمتعلمين ودراسة سلوكهم أثناء عمليات التعلم والتعليم والأهداف المرجوة من تعليمهم خدمة للمجتمع.
وكان للمناهج والبرامج التعليمية الدور الكبير في تمكين المتعلمين من التزود بالمعارف التي تصقلهم؛ نتيجة اعتماد تلك المناهج على التنظيمات المتمركزة حول المعرفة التي تجعل من المعرفة محور اهتمامها، إذ كان الهدف من التعلم هو امتلاك المعرفة والتحقق من حفظها وتخزينها، وقد تطورت بعد ذلك عمليات تخطيط وتصميم المناهج لتظهر التنظيمات المتمركزة حول المتعلم التي تعمل على إيجاد ترابط متين بين المعرفة واهتمامات المتعلم وميوله وصولًا إلى بيئة تعليمية تعلّمية أكثر ارتباطًا بالمتعلم؛ فبدأ التركيز على المتعلمين والاعتناء بمتطلباتهم.
وجاء بعد حين التنظيمات المتمركزة حول المجتمع التي تعنى بتنظيم محتوى المناهج والبيئة التعليمية بالشكل الذي يمكّن المتعلمين من التطبيقات العملية التي تسهم في عمليات الإنتاج وتعالج الكثير من المشكلات الاقتصادية التي يعاني منها المجتمع، ويستمد هذا الإجراء من واقع المجتمع للعمل على زيادة وعي المتعلمين وتدريبهم على المهارات العملية التي تتعلق بالصناعات وعمليات الإنتاج المرتبطة بسوق العمل وحاجاته الفعلية التي تحقق الأهداف المشتركة للمتعلم والمجتمع بمختلف قطاعاته، الأمر الذي يسهم في تحريك عجلة الاقتصاد من خلال استهداف فرص العمل الحقيقية والتي يطلبها أرباب العمل ويحتاجها المجتمع.
إن أهم ما يميز التعليم القائم على حاجات المجتمع هو ربطه المجالات النظرية بالجوانب العملية التطبيقية وسعيه الجاد لإيجاد متعلمين مُمَكّنين معرفيًا ومهاريًا ويجعلهم مؤهلين للحياة المستقبلية، كما يكسبهم اتجاهات إيجابية نحو العمل وأهميته الأمر الذي سيشجع الكثير من المتعلمين على خوض غمار العمل مباشرة وتأسيس مشاريع إنتاجية خاصة تدر عليهم عائدًا ماليًا يعينهم على تلبية حاجاتهم وطموحاتهم التي يسعون إلى تحقيقها.
وتجدر الإشارة هنا إلى أهمية ما تقوم به وزارة التربية والتعليم من جهود جبارة في ربط التعليم بحاجات المجتمع من خلال التحول الكبير والمهم الذي أحدثته في مجال التعليم المهني التقني الذي أصبح يركز على المهارات العملية من خلال زيادة الساعات التعليمية التدريبية الموجهة والتي تمكّن المتعلمين من امتلاك مهارات عملية متخصصة تسهم في إيجاد كوادر بشرية مدربة ومؤهلة ستنافس في سوق العمل بكل ثقة واقتدار.
ومن المهم أيضًا الإشادة بالاهتمام الملكي الذي يقوده جلالة الملك عبد الله الثاني ويتابعه عن كثب ولي العهد الأمير الحسين، إذ كان آخرها الخطط الطموحة التي قدمها، ويتابعها على مدار الساعة بشكل غير مسبوق، وزير التربية والتعليم العالي الدكتور عزمي محافظة في لقاء الحسينية، والذي بيّن فيه آليات سير العمل في المسارات التعليمية بعامة، والمسارات المهنية بخاصة، منذ التحاق المتعلم بالمسار المهني الذي يختاره والمحطات التي سيمر فيها وصولًا إلى سوق العمل.
إنّ المتابعة الحثيثة لملف التعليم بشكل عام، والتعليم المهني بشكل خاص يؤكد أهمية هذا النوع من التعليم الذي يلبي حاجات المجتمع ويسهم في التخفيف من البطالة ويوقف تغولها على الشباب الذين سيتسلحون بمهارات عملية تتطلبها مهن المستقبل، كما أن هذا الاهتمام الملكي الكبير والجاد من لدن جلالة الملك وولي العهد في مجال التعليم المهني يعبّر عن حالة الاشتباك البنيوي ومن المسافة صفر بين التعليم والمجتمع؛ وذلك تعبيرًا عن أهمية السعي في مضمار التحديث الاقتصادي وتحقيق مستهدفاته بما يعود بالخير على أبناء وبنات الوطن.

عن Alaa

شاهد أيضاً

سندويتشات ذوقان ليوم الجمعة

 د. ذوقان عبيدات – الأول نيوز –   (١) أسئلة التوجيهي تتفاوت اتجاهات الطلبة نحو …