أسامة الرنتيسي – تصوير محمد ابو غوش
الأول نيوز – ازدحمت قاعات بيت شقير للثقافة والتراث مساء الاثنين بجمهور نوعي متخصص ذواق للفن التشكيلي لحضور معرض الفنان كمال إبراهيم عريقات “خواطر ملونة” الذي رعته “الوزيرة الحديدية” الدكتورة هيفاء النجار التي تحارب الموت بالفن، وتصر على ديمومة الحياة بالحضور الشخصي برغم وجع الموت الذي لا يزال ساخنا في قلبها وروحها على شقيقها المفكر الاستاذ نبيل حجار الذي غيبه الموت مساء الأحد 12/5/2024 في مدينة ليل الفرنسية بعد صراع مع المرض، حيث كان المرحوم عالما فيلسوفا، عروبيا محبا لوطنه وإنسانا قبل كل شيء، غيورا على قضايا أمته، ومن أصحاب المواقف الوطنية المدافع عن حق الشعب الفلسطيني.
تميزت لوحات الفنان عريقات في هذا المعرض باللون الواضح والموقف الواضح، فقد غادر عريقات أسلوب فنه في المعرض السابق عندما انطق الدخان وبقايا السيجار ونفخ فيهما حياة بتدوير لافت للأنظار.
في هذا المعرض ظهر عريقات مختلفا مندمغا بما يحصل مع شعبه الفلسطيني في قطاع غزة من إبادة وتجريف بالموت البشع، فجاءت معظم اللوحات ناطقة بجمال غزة قبل العدوان من خلال لون مياه بحرها الفاتن، ومن خلال زوايا الجمال التي لمسها الفنان عريقات بألوانه وأدواته.
عريقات لم ينس وجع الجدار الذي يلف فلسطين كل فلسطين، فجاءت عدد من اللوحات مسجونة بالجدار الذي يحيط بأنفاس الشعب الفلسطيني ويمنع عنهم الهواء والجمال والحرية.
في معرض عريقات الجديد تحدٍ ومواجهةٌ لما حدث في غزة زلزل العالم، وفيه إمتحان للحس الإنساني كيف يمكن أن يبقى صامتا وأرض غزة انعجنت بالموت حتى أصبح هواؤها برائحة الموت التي تنبعث منه الحياة.
تطور منقطع النظير ظهر في لوحات معرض الفنان كمال عريقات، فالمعرض السابق جاء قبل كورونا بسنتين، وبعد رحلة استنكاف عن الفن والحياة عاشها الفنان عريقات الذي يعترف بالدور المحوري الذي أسهم الفنان والمختص بسحر الشخصية المرحوم ماهر سلامة بإعادته إجباريا إلى الفن واللون والحياة فجاء المعرض تدويرا من بقايا أعقاب السيجار وظهر السواد والألوان الحالكة في معظم اللوحات على عكس المعرض الحالي الذي يستمر حتى يوم 13 /6 / 2024 في غاليري شقير.
في تقديم جميل وأنيق كجمال وأناقة الفنانة فوز شقير مديرة بيت شقير كتبت عن الفنان والمعرض:
صديق وفنان بطعم التوباكو
هكذا بدأت رحلتي في التعرف إلى عالم الفنان التشكيلي كمال عريقات، التي من خلالها بدأت ذائقتي في عالم الفن التجريدي بالتشكل والتطور، حدث هذا عندما دعاني الصديق المشترك ماهر سلامة لروحه السلام الذي كان له نظرة في عالم التميّز والجمال ، لحضور معرض الفنان كمال الذي تناول فيه السيجار كعنصر رئيسي فأشعل من خلاله جذوات الإبداع واستخدم رماد السيجار ليسطر في مشواره الفني تأريخًا من التميز.
الجانب الإنساني للفنان كمال يشبه فنه، فهو أنيق وذواق في مزج وتمازج الأشخاص في مساحته الشخصية والنكهات في مطبخه تماما كأناقته وذوقه في مزج الألوان ليشكل في النهاية لوحة يستطيع كل من رآها أن يتناولها من منظوره الخاص والإستمتاع بجمالها.
وفاءً لرحلة كمال عريقات الفنية ودعمه مشروع بيت شقير للثقافة والتراث الموصول، رأيت أنه لا بد أن يكون لمعرضه الشخصي السادس والأول في رحاب جاليري شقير نكهة مختلفة، ذلك بأن تزين أعماله الفنية كافة جدران هذا البيت العريق لا جدران الجاليري فقط، ليتمكن الزائر من أن يعيش مراحل رحلة كمال الفنية عبر ثلاثين عامًا تُتوّجُ اليوم بمعرضه ” خواطر ملونة 2″.
فوز شقير
المدير العام / بيت شقير للثقافة و التراث