الأول نيوز – د. ذوقان عبيدات
غالبًا ما يدّعي المرشَّحون للانتخابات النيابية وغيرها؛ أنهم ترشحوا تحت ضغوطات جماهيرهم! فالجماهير رأت فيهم قادة لها، تدافع عن مصالحها وأوطانها، والعقلاء لا يأخذون هذا محمل الجدّ، فالجماهير لا علاقة لها بالطموحات الفردية التي قد تكون مشروعة، أو غير مشروعة!
والآن، وبعد انتشار الحزبية الانتهازية، صار الحزب يقوم بهذا الدَّور، فيختار مرشحيه؛ لأنهم قادرون على خدمة الجماهير- لاحظ الجماهير – كلمة يسارية معناها الناس!! فالمرشحون التقليديون غالبًا ما يكونون من الوجوه المعروفة، بينما المرشحون الحزبيون تحللوا من هذا الشرط؛ لأنهم تحت حماية أحزابهم. وضمن هذا السياق رشحت الأحزاب قوائم من أفراد غير معروفين. وللأمانة ما زالت الأحزاب – رغم الهندسة الدقيقة – تبحث عن طرق لإثبات هُويّتها.
(01)
ما دوافع المرشَّحين؟
مهما كان الادّعاء بخدمة الوطن، فإن هذا الادّعاء لا يأتي في مقدمة دوافع الترشح، وقد لا يكون أساسًا بينها، فالتمثيل بأشكاله كان في معظمه ينتج نوّابًا ينفصلون عن ناخبيهم، ويبدأون رحلة جني الثمار الشخصية.
كانت حكاية تمثيل المواطنين، ونقل صوتهم إلى السلطة التنفيذية حكاية مقبولة في الماضي، أما الآن، فإن كل مواطن قادر على التعبير عن ذاته، والوصول بمطالبه إلى أعلى الجهات. ومن هنا، تغيرت دوافع الترشح لأي انتخابات، واحتلت الأهداف الشخصية الهدف الأول، وربما الوحيد للمرشحين. وفي الانتخابات الحزبية قد يكون المرشح الحزبي مطيَّة لمسؤول الحزب، ومسؤول الحزب أداة عند مشغّليه!
(02)
الرنتيسي مرشَّحًا
برأيي؛ الصحافي والكاتب أسامة الرنتيسي شخصية معروفة، بتاريخ واضح يمكن وصفه بأنه تاريخ نضالي، وهو يمثل اتجاهًا واضحًا، ولو دخل البرلمان لكان صوتًا لا يخذل تاريخه على الأقل! لن أخوض في حسابات الرنتيسي حين قرر الترشّح، أو حين عدل عنه، فهذا شأنه، ولكنني سأحاول تفسير قرار العدول من وجهة نظري، وهذا حقي!!
الرنتيسي خبِر الأحزاب العريقة، ولا شك أنه يدرك سطحية الأحزاب الجديدة، وربما يدرك أسباب نشوئها والوظائف المناطة أو المأمولة منها؛ ولذلك فضّل أن لا يضع نفسه منافسًا، أو حتى زميلًا لساذجين قد يقودون البرلمانات القادمة! وربما أدرك الرنتيسي أن بقاءه صوتًا إعلاميّا يحقق ذاته بطريقة أفضل! فالإعلامي قد يتلقى توجيهات، كما يتلقى بعض النواب، لكنه سيبقى أكثر حرّية في قبولها، أو رفضها!
كان من الممكن للرنتيسي، وأمثاله أن يترشحوا في زمن ترشّح الأسماء المعروفة، لكن ترشّح الرنتيسي بين مئات الأسماء المجهولة يسحب من رصيده! وقد يكون صديقي أدرك ذلك، وقد يكون أدرك أن الطريق مسدود، وسالكه مردود، ولذلك فضّل أن يبقى مع الجماهير وليس” زعيمًا” برلمانيّا لها! وقد يكون قد أدرك ما يدركه أي مواطن حرّ التفكير، والإرادة!
لذلك كنت من أوائل من قدّم له التهنئة بالانسحاب!
فهمت عليّ؟!