الجمعة , سبتمبر 13 2024 رئيس التحرير: أسامة الرنتيسي

ممر فيلاديلفيا ……سَبر الأغوار وكَشف الأسرار

الاول نيوز – أيمن سلامة 

يشهد عالمنا اليوم انتشاراً واسعاً لظاهرة الفتوى العشوائية في شؤون القانون الدولي، حيث يتحدث الكثيرون عن قضايا معقدة ودقيقة دون أن يكون لديهم الكفاءة أو الخبرة اللازمة، وهذا التهافت على الإفتاء في مسائل القانون الدولي، دون الاعتماد على أسس علمية متينة أو دراسة عميقة للقواعد والمعاهدات الدولية، يشكل خطراً حقيقياً على النظام الدولي ذاته، ويؤدي إلى إثارة البلبلة والفتن، وتقويض الثقة في المؤسسات الدولية.

إن الإفتاء في القانون الدولي يتطلب دراسة عميقة للقواعد والمعاهدات الدولية، وفهمًا واسعًا للسياق التاريخي والسياسي والثقافي للقضايا المطروحة، كما يتطلب مهارات تحليلية عالية، وقدرة على التمييز بين الحقائق والآراء، والوصول إلى استنتاجات منطقية مبنية على الأدلة.

إن الأزمات والمعضلات القانونية غالباً ما تكون معقدة ومتشابكة، وتتطلب من المتخصصين والعامة على حد سواء، التعامل معها بحذر شديد وتروٍ. وفي هذا السياق، يبرز دور الإعلام والمتحدثين باسم المؤسسات في نقل المعلومات بشكل دقيق وموضوعي، بعيداً عن المبالغات والأحكام المسبقة، فالإدلاء بالمرسلات والفريات في مثل هذه الظروف، قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة، وإثارة البلبلة والفتنة في المجتمع.

لقد حذرنا ديننا الحنيف من التسرع في القول، وأمرنا بالتحري والتأكد قبل إطلاق الأحكام، فعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “من تكلم فليصدق، ومن وعد فليوف، ومن ائتمن فليحفظ”.

إن التسرع في الإدلاء بالمرسلات والفريات في الأزمات والمعضلات القانونية، قد ينتج عنه عواقب وخيمة، منها علي سبيل  المثال لا الحصر زيادة حدة الأزمة، وقد يؤدي ذلك إلى تفاقم الأزمة، وإثارة الخوف والقلق لدى المواطنين.

ولذلك فإن على الجميعوخاصة الإعلاميين والمتحدثين باسم المؤسسات أن يتحروا الدقة والوضوح في نقل المعلومات، وأن يتجنبوا المبالغات والمزاعم التي لا أساس لها من الصحة، وعليهم أن يعتمدوا على المصادر الموثوقة، وأن يستشيروا الخبراء المتخصصين في حال وجود أي شكوك.

ومن الأمور التي تساعد على التوخي والتمهل في الإدلاء بالمرسلات والفريات في الأزمات والمعضلات القانونية، ما يلي:

التحري والتدقيق: قبل نشر أي خبر أو معلومة، يجب التأكد من صحتها ودقتها، ويجب استشارة الخبراء القانونيين لتقديم المشورة القانونية اللازمة ،كما يجب أن يتذكر كل فرد أن الله مطلع على كل شيء، وأن العاقبة للمتقين.

لم يسلم ممر فيلاديلفيا ” الفلسطيني” من المرسلات وضربه المدعون بالهراوات، فتارة يزعم هؤلاء أن الممر بحكم أيلولته للإقليم  الفلسطيني، تنبت الصلة القانونية المصرية عنه، و غفل هؤلاء المعاهدات الدولية الثلاثة التي تنظم الطبيعة القانونية للمر والمسؤولية القانونية الدولية المصرية عن تأمينه بعد الانسحاب الإسرائيلي منه عام 2005 .

زعم الواهمون أن مصر ستلغي معاهدة السلام التي أبرمتها مع إسرائيل في عام 1979 ورعتها الولايات المتحدة الأمريكية حينئذ، ولم يفكر هؤلاء لطرفة عين  التبعات والتداعيات لمثل ذلك الإجراء الخطير.

أما بخصوص إمكانية تعديل المعاهدة فلم تنبس شفاه خبير عن الاعتبارات القانونية للتعديل التي يستحيل بدونها تعديل المعاهدات الدولية .

وبخصوص تعليق معاهدة السلام  المصرية  الإسرائيلية عام 1979 فلم ينبئك خبير عما يعلق من بنود معاهدة  السلام المصرية أم أن الأمر كله “سداح مداح” .

ختاماً، إن التوخي والتمهل في الإدلاء بالمرسلات والفريات، هو واجب وطني وأخلاقي، وهو الضمانة الأساسية للحفاظ على استقرار المجتمع، ووقايته من الوقوع في فخ الشائعات والأخبار الزائفة، فكما قال الحكماء: “القلم سلاح ذو حدين، فاحذر أن تجرح به نفساً بريئة”.

 

عن Alaa

شاهد أيضاً

من القسطل إلى الكرامة.. والكرامة من جديد.. طريق الشرف واحد

الاول نيوز –  د. علي أحمد الرحامنة الشهيد ماهر ذياب حسين الجازي، هو بطل عملية …