الإثنين , سبتمبر 16 2024 رئيس التحرير: أسامة الرنتيسي

على العهد والوعد

الاول نيوز – الدكتور مالك صوان –

الأول نيوز – مرت على المملكة استحقاقات دستورية خلال العقدين الماضيين، أشيع بوجود تدخل فيها، مما أدى إلى إفراز كثير من الشخصيات غير المقبولة ولا المرغوبة شعبيًا، وهذا باعتراف بعض المسؤولين عن سلامة إجراء بعض الانتخابات السابقة، وكما صرَّح بعض المراقبين ومراكزهم ومنصاتهم الرقابية الرصدية، ومشاهدات كثير من المواطنين الحيّة على ذلك.

هذا التدخل أدى إلى إيجاد فجوة وأزمة ثقة تفاقمت مرةً تلو الأخرى بين المواطنين والحكومة والجهات الرقابية، فامتعض الناس واحتجت بعض الأحزاب والتجمعات ومؤسسات المجتمع المدني، مُعتبرين بأن الانتخابات استحقاق شكلي لا أكثر، وأن الحكومة تأتي بمَن تريد، ولا داعي للذهاب إلى صناديق الاقتراع، مما أدى إلى تناقص وتدني نسبة المقترعين من دورةٍ لأخرى.

وبوصول المرشحين غير المقبولين شعبيًا؛ الذين عبثوا بكل ما هو مقدَّس شعبيًا، ووصلوا إلى قوت وجيوب المواطنين وأرزاقهم، وعملوا على تحقيق مصالحهم وأجنداتهم الخاصة، فامتعض الشعب مرة أخرى، وأوصلوا صوتهم لمليكهم، فلبى ولي الأمر النداء، وأمر بتشكيل اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، التي تم اختيار معظم أعضائها ضمن أسسٍ ومعايير دقيقة، وأمر بأن تكون أولى أولوياتها تحقيق آمال وتطلعات الشعب.

فاجتهدت اللجنة وعملت بكل طاقتها وقدراتها وأوصت بنقاطٍ جوهريةٍ ومفصليةٍ للحكومة لتعديل قانون الأحزاب والانتخاب بما يحقق تطلعات غالبية المواطنين، وكان من أهم تعديلاته أنه أعطى دورًا أهم وأكبر للمرأة والشباب والأحزاب؛ التي تمثل الشريحة الأكبر من المحتجين على القانون السابق، فقوبِل بالرضاء التام منهم، وبين ليلةٍ وضحاها تفاجأ الناس بأن كثير من المسؤولين الحاليين والسابقين؛ مِن وزراء وأعيان ونواب ورأسماليين قد استحوذوا على المراكز القيادية والصفوف الأولى في أحزابهم بطريقةٍ ديمقراطية (ظاهريًا)، وبدأوا عملية الاستقطاب لوقود أحزابهم من عامة الناس.

وعندما صدرت الإرادة الملكية بموعد الاستحقاق القادم لمجلس النواب، هبَّ هؤلاء القياديون واستحوذوا مرةً أخرى على المراكز الأولى في القوائم الحزبية، ولم يكتفوا بذلك فقط، لا بل قاموا يترشيح أقاربهم ولُزمتهم (أزواجهم وأبناءهم وأشقاءهم وأنسباءهم) في المراكز المتقدمة لتلك القوائم، واشترطوا ملاءة مالية حسب الترتيب التصاعدي في القائمة، هذا يعني بأن يتصدر الحيتان والهوامير هذه القوائم، مما سيُنتِج مجلسًا نيابيًا غالبيته من المتنفذين ماليًا وسياسيًا، وهذا بحد ذاته سيُضعف وينسف عملية الإصلاح من أساسها، ويصادر الثقة التي بُنيَت عند الناس بعد تعديل القانون.

أيها الشعب الأردني العظيم

كل المؤشرات والدلالات تفضي إلى أن هذه الانتخابات ستكون فريدةً من نوعها، وعلى درجةٍ عاليةٍ من النزاهة والشفافية وبدون أيةِ تدخلات تذكر، فعلينا كأبناء مخلصين لهذا البلد وقيادته، ونحلم ونتمنى حياةً أفضل فيها من الرفاه والاستقرار ما يلبي طموحاتنا، أن نقف صفًا واحدًا منيعًا ونختار مرشحينا بكل أمانة ونُغلِّب ضمائرنا في ذلك.

فممارسة حق الاقتراع واجبٌ وطنيٌّ مقدّس، وحقٌّ من حقوق وواجبات المواطنة الإيجابية الفاعلة الراشدة، لذلك، علينا كشعبٍ مثقفٍ يقظٍ واعٍ، أن نكون على قدرٍ عالٍ جدًا مِن المسؤولية، وأن لا نتخلى عن هذا الحق وهذا الواجب تجاه وطننا، وأن لا نخيِّب أمل ملكينا فينا، فلقد بدأها لأجلنا وتلبيةً لطموحاتنا وتطلعاتنا، ونحن سنكون معه وبه ماضون لإتمام مسيرة الإصلاح المنشود.

علينا أن نكثف جهودنا في إنجاح هذا الاستحقاق الدستوري الأدقّ والأهم في عمر دولتنا العظيمة؛ لدوام قوتها واستقرارها وثباتها، وأن نختار مِن المرشحين الأكفأ والأفضل والأعلم والأصدق، والأكثر تواضعًا، والأوفر أخلاقًا، والقريب من هموم الناس، ومَن يتقِ الله فينا وفي بلدنا، ومَن عهدنا فيه حفظ الأمانة وصون العهد والوعد.

المتبقي من عملية الإصلاح المنشود يعتمد علينا اعتمادًا كليًا، فإما أن نمارس حقنا وواجبنا تجاه وطننا وننجح هذه العملية وننعم بفضلها وخيراتها، وإما أن نتقاعس ولا نوليها أي اهتمام، فنفشلها ونعيش ويلات ما بعدها.

عاش الأردن حرًا عربيًا شامخًا قويًا …

عن Alaa

شاهد أيضاً

تقاطعات انتخابية

الاول نيوز –  د. ذوقان عبيدات  قيل في الانتخابات إنها إنجاز، خاصة في بلد ملتهب …