أيمن سلامة –
الأول نيوز – إن ما نشهده اليوم من تصرفات استفزازية، تتراوح بين الغوغائية القميئة ورفض الحداد على أرواح ضحايا فيضانات إسبانيا، إلى تمزيق الأعلام الفلسطينية والتعبير عن مشاعر شوفينية مقيتة، هو مشهد لا يعكس إلا حالة من الانحدار الأخلاقي والفكري.
هذه التصرفات ليست مجرد أفعال فردية أو تظاهرات عابرة، بل هي تعبير عن مشكلة أكبر، تكمن في فقدان الحس الإنساني السليم والتفكير العقلي المستنير، في وقت أصبح فيه احترام الأرواح وحقوق الشعوب معيارًا أساسيًا لرقي الأمم.
إن رفض الجمهور الإسرائيلي المشاركة في الحداد على ضحايا فيضانات أسبانيا، هو أمر يعكس جفاءً عاطفيًا لا يمكن تبريره بأي مبررات سياسية أو فكرية ،فهل يعقل أن يكون هناك من يرفض التضامن مع ضحايا الكوارث الطبيعية، لمجرد أنهم لا يتفقون مع سياسة بلدهم؟ إن الحداد على الأرواح البشرية، بغض النظر عن القومية أو الدين أو العرق، هو واجب إنساني لا يمكن تجاوزه أو تبريره.
اما تمزيق الأعلام الفلسطينية، من جانب ذات الغوغاء في الشوارع و البنايات الهولندية ، فهي سلوك لا تقترفه سوى الدهماء الذين يكشفون عن مدى العداء الموجه نحو حقوق الشعوب في تقرير مصيرها، وخاصة الشعب الفلسطيني.
إن هذه الأفعال، التي تُظهر الشوفينية المقيتة والتعصب الأعمى، لا تضر إلا بمن يرتكبها ،فالعالم اليوم أصبح أكثر تلاحمًا من أي وقت مضى، والحركات العالمية من أجل حقوق الإنسان، والعدالة، والسلام، تُظهر لنا أن القيم الإنسانية الأساسية لا يمكن أن تكون رهينة للاعتبارات السياسية الضيقة أو الأيديولوجيات المتعصبة.
إن شوفينية هذا النوع من التصرفات لا تخدم إلا تعزيز الكراهية والانقسام. فالشعوب اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، بحاجة إلى الوحدة والتكاتف. التمزيق العاطفي الذي نراه في هذه المواقف لن يؤدي إلى شيء سوى إدامة النزاعات والشرخ بين البشر.
لقد جنت هذه الأيديولوجيات المتعصبة على نفسها، كما فعلت براقش التي كانت سببًا في هلاك نفسها ،ففي نهاية المطاف، لن تنجح الأيديولوجيات المغلقة في مواجهة الحقائق الإنسانية التي لا تقبل الجدال. الشعوب التي تزرع الكراهية وتتبنى التفوق على الآخرين لن تجد إلا العزلة والرفض من المجتمع الدولي. أما تلك الشعوب التي تتبنى مبادئ الاحترام والتسامح، فستظل قادرة على العيش بسلام مع بعضها البعض، وستجد دائمًا من يدعمها في محنتها.
في الختام، فإننا بحاجة إلى إعادة تقييم هذه التصرفات الشوفينية والمتعصبة التي تهدم قيم الإنسانية ،ويجب أن نتصدى لها بكل الوسائل الممكنة، وأن نزرع في أنفسنا وفي أجيالنا القادمة مفاهيم التضامن والعدالة والاحترام المتبادل.