الدكتور احمد الطهاروة – الأول نيوز –
أصدرت المحكمة الجنائية الدولية الخميس مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه ويوآف غالانت بخصوص جرائم حرب في قطاع غزة، وقالت إن هناك أسبابا منطقية للإعتقاد بأنهما ارتكبا جرائم حرب. وهذا يعتبر حدثًا دوليًا ذا أهمية كبيرة، حيث يحمل أبعادًا قانونية وسياسية واسعة.
من الناحية القانونية، تشمل جرائم الحرب التي يتهم بها نتنياهو وغالانت، (تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب، وتعمد إحداث معاناة شديدة، أو إلحاق أذى خطير بالجسم أو بالصحة، والقتل العمد أو القتل، وتعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين، أما الجرائم ضد الإنسانية فتشمل الإبادة و/أو القتل العمد بما في ذلك في سياق الموت الناجم عن التجويع، والاضطهاد، وأفعال لاإنسانية أخرى).
ومن المتوقع أن تطلب المحكمة إصدار مذكرة اعتقال بحق رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي أيضا، حيث سبق لمدعي عام الجنائية الدولية خان التأكيد بأنه لن يتردد في تقديم المزيد من الطلبات، لأن القانون ينطبق على الجميع، وليس لأي شخص أن يفلت من العقاب.
ومن الملفت أن المحكمة أعلنت في ذات الوقت، أن الدائرة التمهيدية حكمت في طلبين قدمتهما إسرائيل في 26 /9/ 2024.
وفي الطلب الأول، طعنت إسرائيل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية على دولة فلسطين بشكل عام، وعلى المواطنين الإسرائيليين بشكل أكثر تحديدًا، على أساس المادة 19(2) من النظام الأساسي.
وفي الطلب الثاني، طلبت إسرائيل من الدائرة أن تأمر الادعاء بتقديم إشعار جديد ببدء التحقيق إلى سلطاتها بموجب المادة 18(1) من النظام الأساسي.
كما طلبت إسرائيل من الدائرة وقف أي إجراءات أمام المحكمة في الحالة ذات الصلة، بما في ذلك النظر في طلبات إصدار أوامر اعتقال نتنياهو وجالانت، التي قدمتها النيابة العامة في 20 /5/ 2024.
وفي رد المحكمة على هذه الطلبات، قالت أن قبول إسرائيل لاختصاص المحكمة ليس مطلوبًا، حيث يمكن للمحكمة ممارسة اختصاصها على أساس الاختصاص الإقليمي لدولة فلسطين، كما حددته الدائرة التمهيدية الأولى في تشكيل سابق.
كما رفضت الدائرة طلب إسرائيل بموجب المادة 18(1) من النظام الأساسي. وأشارت الدائرة إلى أن الادعاء أخطر إسرائيل ببدء التحقيق في عام 2021. وفي ذلك الوقت، وعلى الرغم من طلب التوضيح من جانب الادعاء، اختارت إسرائيل عدم متابعة أي طلب لتأجيل التحقيق. إضافةً إلى ذلك، عدّت الدائرة أن معايير التحقيق في الموقف ظلت كما هي، ونتيجة لذلك، لم يكن هناك حاجة إلى إخطار جديد لدولة إسرائيل. وفي ضوء ذلك، وجد القضاة أنه لا يوجد سبب لوقف النظر في طلبات أوامر الاعتقال، واعتقد أن ما يحدث حاليا خطوة أولى في تحقيق ضخم سيؤدي إلى إضافة المزيد من المشتبه بهم في المرحلة القادمة.
أما من الناحية السياسية فان المذكرات ستُحدث تصعيدًا كبيرًا في التوترات بين إسرائيل والجهات الدولية. كما ستُحرج الدول التي تدعم إسرائيل، لأنهم سيواجهون تحديات سياسية وأخلاقية في التعامل مع نتنياهو.
ما نأمله أن يدفع قرار الجنائية الدولية الدول الكبرى لمزيد من التحرك لوقف المجازر التي ترتكب في غزة، ولوقف المجازر التي ترتكب في حق القانون الدُّوَليّ الإنساني، ولوقف استخدام تجويع أهل غزة سلاحا، فلا بد أن تأخذ العدالة مجراها ويطبق القانون الدُّوَليّ بعدالة وشفافية على الجميع، فالشعب الفلسطيني يستحق العدالة، ولا يمكن للدول الكبرى ان تكون انتقائية في قبول قرارات المحكمة في قضايا معينة ورفضها في قضايا أخرى، حيث سبق للمحكمة أن قامت بإصدار مذكرات اعتقال وكان هناك موقف دُوَليّ بضرورة احترام هذا القرار.