النمري يكتب في “الأول نيوز”..منزلق التفرد بالسلطة

جميل النمري –

 

الأول نيوز – كنا نتوقع تعيين شخصية بارزة مستقلة رئيسا لحكومة تصريف الاعمال  في دمشق واقلقنا الذهاب مباشرة الى احد رجال هيئة تحرير الشام محمد البشير  ليكون رئيسا للحكومة واقلقنا اكثر ان كل حكومة ادلب التابعة لهيئة تحرير الشام هي التي اصبحت “نواة الحكومة الجديدة”  ولحسن الحظ انها ليست الحكومة كاملة أي ما زال ممكنا ضم رموز من القوى و المكونات الأخرى في سوريا .. الاكراد والدروز والمسيحيين وقيادات المعارضة الوطنية التي تنسى ” ادارة العمليات لعسكرية” وجودها.

نحن لا نعرف من هي بالضبط ادارة العمليات العسكرية. نعرف فقط ان رئيس هيئة تحرير الشام احمد الشرع (الجولاني سابقا) يقودها  وربما تضم  قادة فصائل اخرى حليفة من ادلب والمفروض ان تضم كل الفصائل المقاتلة من الجنوب والشرق بما ذلك قوات سوريا الديمقراطية.

ويوجد ايضا “ادارة الشؤون السياسية” التي تصدر بإسمها تصريحات وبيانات   وفي النهاية واضح ان هيئة تحرير الشام  تتفرد وحدها بالسلطة السياسية والعسكرية والحكومية.

شخصيات من المعارضة عبرت عن خيبة أملها من هذا التفرد. وهذا أكد انطباعنا ان السلطة الجديدة لم تتواصل ولم تنسق ولم تشرك قوى المعارضة في أي شيء. لم يعلن عن أي لقاء او تشاور ولا حتى اعلان نوايا حول الخطوات المقبلة. وكان المتوقع تشكيل مجلس اعلى انتقالي يمثل السلطة الشرعية الجديدة ويضم ممثلين من كل المكونات والاطراف السياسية وليكن بقيادة هيئة تحرير الشام القوة العسكرية الرئيسية على الارض.

انما ليكن واضحا ان الثورة السورية ليست الفصائل او المليشيات المسلحة فقط ولم تبدأ بها. وان التقديرات لمجموع قوات الفصائل والمجموعات المسلحة بما في ذلك قوات الدفاع الكردية تصل إلى ١٠٠ الف مقاتل بينهم ٢٠ الف مقاتل لهيئة تحرير الشام. وان الجميع دفع ثمنا وشهداء وان فضل  الهيئة في المبادرة للهجوم بدعم تركي ما كان يكفي للتقدم وتحرير بضعة كيلومترات لولا الظروف التي قادت   الى استنكاف الجيش عن القتال وإخلاء الساحات على التوالي. ودمشق كما رأينا لم تحررها قوات الهيئة. فقد انسحبت قوات النظام فورا امام المجموعات القادمة من الجنوب والشعب خرج محتفلا مهللا دون ان يعرف من هؤلاء المسلحين القادمين. ثم هناك تشكيلات سياسية في إئتلافات تمثل المعارضة السياسية الواسعة التاريخية او المنشقة عن النظام. المعروفة جيدا للرأي العام السوري فأين كل هؤلاء؟!

حتى الشرطة هي نفسها شرطة ادلب مع ان هناك مئات المنشقين عن قوات أمن النظام والجيش لم يتم استدعائهم.

حتى الساعة لا نرى سوى “ادارة العمليات العسكرية” بقيادة الشرع هي السلطة الوحيدة التي تقرر في أي شأن. ولا يصدر عن هذه السلطة أي شيء بشأن المستقبل السياسي. لا لقاءات ولا حوارات ولا حضور لأي طرف بإستثناء استدعاء الحكومة السابقة لتسليم العهدة للحكومة الجديدة.

في لقاءات الشرع الاعلامية يتجاهل كليا القوى الأخرى ومكانها في المرحلة الانتقالية. ولم ترد على لسانه كلمات الديمقراطية والتعددية والبرلمان والانتخابات. وربما ان ثقافته السياسية كلها قامت على نهج آخر غير ذي صلة. لكن نخشى انه يضمر  التفرد بالسلطة الآن وفي المستقبل.

حتى الآن هناك رسائل ايجابية قوية وواضحة للداخل والخارج لتبديد المخاوف من القيادة الجديدة بسبب تاريخها السابق كفرع للقاعدة. وخطابها يبدو متوازنا حريصا براغماتيا ينشد القبول الدولي والاقليمي للسلطة الجديدة لكن دون تقديم اي تنازل على الارض بشأن المشاركة في السلطة والتشارك في رسم المستقبل.

الجميع في الخارج يلاحظ ذلك ويخشى من تفرد هيئة تحرير الشام  بالسلطة بينما سوريا اكبر كثيرا من ذلك وتحتاج  الى مشاركة كل القوى والمكونات في رسم المستقبل. و التصريحات من كل العواصم تعبر عن ذلك وسوريا تحتاج إلى تعاون دولي هائل لدعم الاستقرار واعادة البناء.

من حق هيئة تحرير الشام ومن الجيد أن تكون في مركز السلطة لمنع التنازع الفئوي على الادوار و المكاسب لكن التفرد اليوم يصنع دكتاتورية خطيرة غدا.

يستضيف الاردن يوم غد السبت اجتماعا في العقبة يضم وزراء خارجية دول عربية ونتوقع ان يوجه رسالة قوية بهذا الشأن الى دمشق كي تمشي في المسار الصحيح.

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

كيف حالك؟!!

الأول نيوز – د. ذوقان عبيدات يبادر الأردني، وغير الأردني حين يلتقي بشخص يعرفه، أو …