الدكتور مالك صوان –
الأول نيوز – لم يناضل الشعب العربي الفلسطيني طيلة هذه العقود، ولم يقدِّم الفواتير الباهضة مِن الغالي والنفيس وزينة الحياة الدنيا، التي كلفته أملاكه وحياته وحياة أبنائه وأحبائه من أجل تحرير أرضه ونفسه، ليقبل بأن يكون له وطنًا آخرًا غير فلسطين.
العقلية النضالية الفلسطينية لم تتغير ولن تتغير، فمن ناضل لأجل فلسطين الوطن قبل أكثر من مئة عام، هو نفسه من يناضل الآن من أجلها ولأجلها مع اختلاف الأجساد والعقول، التي تُوصف بأنها أكثر صلابة وجسارةً وأشد عزمًا وعزيمة، فعندما يمرُّ جيلٌ، يأتي جيلٌ أكثر نقمًا، وأشد بأسًا، وأعظم يقينًا.
ما صرح به الرئيس الأمريكى ترامب من تهجير الفلسطينيين إلى الأردن ومصر ما هو إلا أضغاث أحلامٍ مما يتمنون ويأملون، تقديرنا واحترامنا للرجل كرئيس للولايات المتحدة لا يعني بأننا نرضى ونرتضي بما يجول في خاطره فيُصرِّح به، وخاصةً إن كان ذلك له علاقة بنا وبوطننا وسيادتنا الأردنية، هذا الرئيس لم يقرأ التاريخ جيدًا، وإن قرأه لم يفهمه، ولم يقدم له مستشاروه المشورة السديدة، التي تُعرِّفه بالأردن وتعطيه نبذةً تاريخيّة عن تلك المؤامرات بكافة أشكالها مع اختلاف مدبريها؛ التي حيكت ضد الأردن منذ نشأته، لكن الأردن كان يخرج منها أقوى وأكثر صلابة ومنعة بفضل الله أولًا، وبفضل حكمة وحنكة وشجاعة قيادته الهاشمية، والتفاف الشعب الأردني الواحد العظيم بكافة أطيافه، حولها وحول جيشه العربي وأجهزته الأمنية ثانيًا.
نعم الأردن بلدٌ محدود الموارد صغيرٌ بحجمه، لكنه عظيمٌ برشده ورضاه، كبيرٌ بمواقفه وثوابته، وجبارٌ ساحقٌ خارقٌ بسخطه وفعله وردة فعله، ولن يقبل أن تُمسَّ أرضه وسيادته، حتى لو كلفه ذلك حياته وكلَّ ما يملك.
نحن الأردنيون بكافة أطيافنا وفئاتنا نعلم بأن المساعدات الأمريكية والأوربية وغيرها لها دورٌ في تحسين أوضاعنا الاقتصادية ونحن لكل الداعمين من الشاكرين، لكن عندما يتم ابتزازنا مقابلها ومساومتنا على سيادتنا وعنفواننا، فإننا نفضل القلّة والجوع على ذلك، وكما قالها أحد ضباط الصف في الجيش العربي ذات يوم للمعتمد البريطاني، في عهد المغفور له بإذن الله، الملك الحسين بن طلال:
“نوكل شومر وما ودنا معونتك”
على مرّ التاريخ، أردن السلام والمواقف،لم يقبل أن تُمس سيادة دولٍ مجاورة وغير مجاورة، وبقي مدافعًا شرسًا عنها وعن حقها وعن سيادتها، فكيف سيكون إذا -لا قدَّر الله- كان الأمر يمسه ويمس سيادة وطنه، نحن الأردنيون أصحاب الجباه السمر والعيون الحمر والعقل الميالة سنبقى كما كنّا على الدوام، صفًا واحدًا صلبًا منيعًا خلف ومن حول قيادتنا الهاشمية، الحكيمة الراشدة الشجاعة.
نحن الأردنيون، سنبقى مع رأي العقلاء ونستنير بمشورة أبناء هذا الوطن المخلصين، حماة الوحدة الوطنية، المدافعين الأشداء عن الوطن والشعب والعرش، ولن نسمح لأي مخططٍ أو مشروعٍ أو أمنيةٍ أو حلم، من النيل من وحدتنا ووطننا وسيادته.
حفظ اللهُ الأردن القوي، والذي سيبقى قويًا منيعًا، بحكمة وشجاعة ورشد مليكه، وصلابة ولُحمَة شعبه.