أسامة الرنتيسي –
الأول نيوز – استمهلت لأيام حتى أكتب عن العودة التي حققها الغزيون من الجنوب إلى الشمال المدمر وعلى الهواء مباشرة في “تغريبة فلسطينية” جديدة وحقيقية لا تحتاج إلى دراما ولا موسيقى حزينة.
ما فعله الفلسطينيون في العودة المستحقة لشمال مدمر لا حياة فيه، وجلسوا على أنقاض بيوتهم درس لكل من يشكك في إمكان تهجير هذا الشعب من أرضه، وهم القادرون على إفشال المشروعات المشبوهة كلها في تفريغ الأرض الفلسطينية من شعبها، في قطاع غزة المدمر والمنكوب ولا في الضفة الغربية التي تشتعل فيها بوادر إبادة وعدوان لا يتوقفان.
منذ اليوم الأول للهُدنة نجح أن يصنع فرحا فلسطينيا غزيا بامتياز، وأن تمتد بشائر الفرح إلى العالم بأسره، في يوم غاب فيه الدمار والقتل والذبح عن غزة، إلا أنه ظهر بكوارث غير طبيعية في تقارير مصورة لم تكن العدسات قد وصلت إليها سابقا لمناطق تعرضت للقصف العنيف والتدمير الشامل كأن زلزالا بمقياس 10 ريختر قد ضربها.
عم الفرح مدن وقرى الضفة الفلسطينية بالإفراج عن الأسرى، في خطوة ذكية من حماس بأن كانت الدفعة الأولى من المفرج عنهم من الضفة.
في موضوع الأسرى، كانت رسائل حماس أذكى بكثير من رسائل الاحتلال الذي عذب الأسرى في يوم الإفراج عنهم، بعكس حماس التي بثت فيديويات للإفراج عن الأسرى اتسم بالإنسانية حتى أن إحدى الأسيرات الانيقات بقيت تودع أهل غزة بيدها بعد أن صعدت إلى سيارة الصليب الأحمر.
للانتصار مئة آب، فقد خرج بايدن الرئيس الأميركي السابق مبتهجا بتحقيق الهدنة ودوره فيها، وخرج ترامب ليقول إنه حقق في أربعة أيام ما لم يحققه بايدن في أربع سنوات، كما خرج دبلوماسيو قطر للحديث عن الهدنة التي شاركوا في صياغتها بمهارة عالية.
في مشهد آخر، حاول السحيجة حول النتن ياهو أن يؤكدوا أن النتن قبل بالهدنة بعد ضغوط كبيرة من الرئيس الأميركي، في محاولة لرفع علامات الفشل عنه بعد أن كان مصمما على رفض أي وقف لإطلاق النار قبل القضاء على حماس.
كان منظر الغَزِّيّين وهم يعودون إلى بيوتهم المهدمة في الشمال وعموم القطاع رسالة مهمة جدا أنهم لن يتركوا أرضهم وبيوتهم وسيُعيدون تعميرها من جديد، برغم أن قوات الاحتلال حاولت منعهم وأطلقت عليهم النار.
كما نزل الغزيون إلى الأسواق ليبتاعوا أي شيء يجدوه برغم قلة المعروض.
أكثر من ارتاح في عمله في اليوم الأول للهدنة الزملاء الإعلاميون والصحافيون في الفضائيات وغيرها، حيث خلعوا البزات عن صدورهم، وخلعوا الخوذ عن رؤوسهم فظهروا على حقيقتهم بعد 15 شهرا من العمل مراسلين حربيين تحت النار.
ملحوظة للمتابعة؛ حتى اليوم يغيب الرئيس الفلسطيني محمود عباس عما يحدث وكأن “العرس عند الجيران”، ولم يعلق لليوم على دعوة ترامب لتهجير الفلسطينيين إلى الأردن ومصر.
الدايم الله…