انعدام مظاهر الحياة..أزمات تلاحق العائدين لشمال غزة

..شّح المياه والخبز ومعضلة مواصلات وإيواء..

 

الأول نيوز – تتفاقم أزمات المواطنين الفلسطينيين وتزداد معاناتهم بعد عودة مئات آلاف النازحين من وسط وجنوب قطاع غزة إلى شماله، نتيجة عدم توفر أدنى مقومات الحياة هناك بفعل تدمير جيش الاحتلال الصهيوني كافة البنية التحتية، إذ نسف المنازل وحولها إلى أكوام من الأنقاض، بينما جرف الشوارع والطرقات، وأتلف شبكات المياه والصرف الصحي، وقطع الكهرباء والإنترنت منذ الأيام الأولى من العدوان الذي انتهى باتفاق وقف إطلاق النار بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال ودخل حيز التنفيذ في 19 يناير الماضي.

“رجعنا على شمال غزة، عبارة عن صحراء، لا يوجد به أي مظاهر للحياة”، هكذا يروي محمد شتات، معاناته بعد وصوله إلى منزله المدمر في مخيم جباليا، مشيراً إلى أنّ “النازحين عادوا إلى أماكن سكناهم للعيش فوق أنقاض منازلهم، لكنّهم اصطدموا بالنقص الحاد في الموارد الحيوية للحياة، وأهمها عدم توفر الطحين والخبز، ومياه الشرب أو حتى المياه الصالحة للاستخدام الآدمي”.

ويقول شتات، إنّ “جيش الاحتلال دمر المخابز وآبار المياه التي كان يستخدمها المواطنون خلال الحرب وخصوصاً الغواطس، وكذلك دمر مصادر الطاقة التي كانت تمد هذه المخابز والآبار بكهرباء بديلة لتشغليها، بل عمل على حرق المخابز ونسفها وكذلك ردم الآبار بأكوام من الركام وتفجيرها، الأمر الذي صعب وفاقم معاناتنا وجعلها أكثر مأساوية”، مضيفاً أنّ “الخبز أساسي في حياتنا للنجاة، ونعتمد على المياه في الاستحمام والاستخدام المنزلي وحتى الشرب وبكل شيء، ولا نستطيع بدونه العيش في أي مكان”.

وعبر شتات عن امتعاضه الشديد من الأوضاع المعيشية الصعبة التي يمر بها الغزيين، جراء نقص المياه وانتشار مياه الصرف الصحي في الشوارع وبين أنقاض المنازل المدمرة، واختلاطها بمياه الآبار والغواطس، لافتاً إلى أنّ “النازحين الذين وصلوا إلى شمال غزة، عادوا إلى أماكنهم في وسط وجنوب القطاع، لأنّه هناك تتوفر مقومات حياة حتى وإن كانت بحدها الأدنى”.

شراء المياه بأسعار مرتفعة

ويحاول المواطنون إيجاد بديلاً لعدم توفر مياه البلدية أو حتى الغواطس المعطلة بشرائها من سيارات المياه التي تجوب شوارع الشمال القادمة من مدينة غزة، ويؤكد المواطن عبد الحميد الحلو، أنّني “اضطررت إلى شراء المياه المحلاة والمالحة عدة مرات كثيرة بأسعار مرتفعة نتيجة عدم توفرها رغم الأوضاع المالية الصعبة التي أمر بها، فالعدوان استنزف السيولة النقدية التي كانت بحوزتي”.

أما المواطن بلال العطل، يوضح أنّه سيبقى في هذه الفترة في خيمته بدير البلح وسط القطاع، بسبب عدم توفر المياه والدمار الكبير وعدم وجود أي مشجع للحياة هناك، مشيراً إلى أنّه “ينقل المياه بالغالونات ويفرغها في خزان بجوار الخيمة، إلا أنه رغم المشقة والتعب يتمكن من توفيرها على العكس في حال عودته إلى الشمال التي مُحيت عن خارطة القطاع بسبب الدمار الهائل الذي أصابها خلال العدوان”.

شح النقل تؤرق الأهالي

وتواجه حشود العائدين إلى شمال غزة، مشكلة في العودة إلى المناطق التي توجد فيها منازلهم، خصوصاً مع شحّ وسائل النقل ونقص الوقود الذي يشغل المركبات التي بات يؤرقهم ويصعب حياتهم، ويبين إبراهيم الداعور، أنّه اضطر كما آلاف المواطنين للبقاء في خيمته بمواصي خانيونس بسبب عدم توفر مركبة توصله إلى مكان مع أمتعته التي يجب نقلها معه كي لا يفقدها، موضحاً أنّه “سيمكث هناك إلى حين توفر وسيلة نقل مناسبة وانخفاض تكلفة الوصول للمنطقة التي يريدها”.

في حين، تلفت هدى البهتيمي ، إلى أنّها أجبرت على ركوب عربة “كارو” أثناء عودتها من وسط القطاع إلى مخيم جباليا، مبينةً أنّ “الكارو” مخيفة وغير مهيئة للنقل، لكن مسافة المشي الكبيرة التي أرهقتها اضطرها إلى الركوب رغم الأجرة الكبيرة التي دفعتها للوصول إلى منزلها.

وتشير البهتيمي، إلى أنّ السائق تذرع بأن أسعار الأجرة مرتفعة بسبب غلاء الوقود وارتفاع ثمن غيار الزيت، وصعوبة تصليح المركبات في حال تعطلها، موضحةً أنّ الأهالي باتوا يستخدمون عربات “الكارو”، ودراجات “توك توك”، وحتى عربات يدوية يتم دفعها، من أجل استكمال نقل أمتعتهم.

لا خيام ولا مقومات حياة

وبرزت معضلة كبيرة بعد عودة النازحين إلى منازلهم المدمرة شمال القطاع، حيث لم يجدوا خيام تؤويهم وتقيهم من برد الشتاء القارص والأمطار، حيث لا يتوفر أي خيام أو كرفانات بديلة للمواطنين لإيواء المنكوبين، ولا يتوفر سوى “الشوادر” وبكميات قليلة جداً لا تكفي لسد احتياجات مئات آلاف المواطنين.

ويضرب بشار فلفل يده كفاً بكف، وهو ينظر إلى ركام منزله المكون من ثلاثة طوابق سويت جميعها بالأرض، وهو واحد من مئات آلاف العائلات الفلسطينية التي دمرت بيوتها في شمال غزة.

ويؤكد فلفل أنّني “فقدت منزلي في منطقة الشيخ زايد، وفشلت في الحصول على خيمة لإيواء عائلتي، فعملت على إنشاء خيمة بدائية مصنوعة من الخشب و”الشوادر والحرامات” وهي غير ملائمة للعيش فيها، حيث لا يتوفر مراحيض ولا شبكات صرف صحي ولا أغطية، لكنّها تسترني بدل العيش في الطرقات والشوارع”.

ويتابع فلفل، أنّني “مضطر للعيش في الخيمة البدائية، لأنّه لا مكان آخر لدي في ظل الدمار الكبير الذي لحق بشمال غزة”، مبيناً أنّه “لا توجد خيام ولا كرفانات لإيواء العائلات، ولا يتوفر مكان أو شقة لاستئجارها، لأنّ محافظة الشمال مسحت عن الخريطة”.

ويناشد فلفل، الجهات المعنية بتوفير الخيام والكرفانات في أسرع وقت ممكن لإيواء الأهالي المدمرة منازلهم، ودعم صمودهم وبقاءهم على هذه الأرض خصوصاً أنّ الاحتلال والولايات المتحدة الأمريكية يحاولان تهجيرهم بكافة الطرق، مطالباً المؤسسات الدولية بضرورة تقديم المساعدات العينية والمادية، وتوفير دورات مياه متنقلة وبراميل مياه للشرب والاستخدام المنزلي للمنكوبين.

ووفقاً لبيانات رسمية، فإنّ الخسائر المباشرة جراء الإبادة الصهيونية تجاوزت الـ 50 مليار دولار في مختلف القطاعات، إذ دمر 450 ألف وحدة سكنية، منها 170 ألف وحدة هدمت كلياً، و80 ألفاً دمرت بشكل بليغ، و200 ألف تضررت جزئي، فيما طال الدمار البنية التحتية للخدمات الأساسية، حيث دُمرت 330 ألف متر طولي من شبكات المياه، وأكثر من 650 ألف متر طولي من شبكات الصرف الصحي، ونحو 2.8 مليون متر طولي من شبكات الطرق والشوارع، إضافة إلى 3700 كيلومتر طولي من شبكات الكهرباء. (بوابة الهدف)

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

الملك يؤكد لعباس رفض أي محاولات لتهجير الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية

الأول نيوز – أكد جلالة الملك عبدالله الثاني لدى استقباله الرئيس الفلسطيني محمود عباس في …