محمد قاسم عابورة – الأول نيوز –
لطالما شكّل الأردن بصمة راسخة في معترك السياسة الإقليمية، وركيزةً أساسيةً في الدفاع عن الحق الفلسطيني، ليس بحكم الجغرافيا فحسب، بل استنادًا إلى التاريخ والدم والهوية المشتركة ، إن العلاقة بين الأردنيين والفلسطينيين ليست مجرّد تقاطع مصالح أو تداخل حدود، بل هي نسيج متين من التاريخ المشترك والمصير الواحد، ما جعل القضية الفلسطينية في صميم السياسة الأردنية، وفي مقدمة أولوياتها القومية. ومن هذا المنطلق، جاء موقف جلالة الملك عبد الله الثاني حاسمًا لا يقبل المساومة، مؤكدًا رفض الأردن القاطع لأي محاولة لتهجير الفلسطينيين أو إعادة توطينهم في دول الجوار، وعلى رأسها الأردن ، ويؤكد الوقوف بكل حزم مع الحق الفلسطيني المشروع في إقامة دولة مستقلة على ترابه الوطني .
لقد كان الأردن ولا يزال رأس الحربة المناهضة لأي مخططات تتنافى مع مبادئ العدالة والشرعية الدولية ، والوقوف سدًّا منيعًا في مواجهة كل المحاولات الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية ، و ضد أي مشاريع تستهدف تهجير الفلسطينيين من أرضهم ، بما في ذلك الطروحات الشيطانية المثيرة للجدل التي صدرت من قبل تاجر العقارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ، ولما تنطوي عليه من مخاطر جمّة تهدد الأمن القومي الأردني، وتخلّ بالتوازن الديموغرافي للمملكة ، و ستفتح الباب أمام زعزعة استقرار المنطقة برمتها، بما يكرّس فوضى لا تحمد عقباها.
وفي هذا السياق، تجلّت حكمة القيادة الأردنية في التصدي لتلك التحديات، إذ برز جلالة الملك عبد الله الثاني كصوت للعقل والمقاومة في المواجهة ، متخذًا نهجًا دبلوماسيًا نشطًا لكسب التأييد الدولي وإجهاض هذه المشاريع المشبوهة ، فمنذ اللحظة الأولى لطرح فكرة التهجير، خاض الأردن حراكًا دبلوماسيًا نشطا ، مؤكدًا أن المملكة لن تكون طرفًا في أي مؤامرة تستهدف تصفية الحقوق الفلسطينية ، بل على العكس، تعمل القيادة الأردنية على دعم صمود الفلسطينيين اقتصاديا وانسانيا واجتماعيا ، لا سيما في الضفة الغربية والقدس ، لتمكينهم من البقاء والصمود على أرضهم ، ومواجهة أي مخططات تهجير قسرية تهدد وجودهم.
لم يكن الموقف الأردني مجرّد بيانات استنكار، بل تُرجم إلى تحرك جماهيري واسع ، و من كل الأحزاب و الفئات والمناطق الإردنية ، رافعا سقف خياراته وداعماً لتحركات وجهود القيادة والحكومة النشطة على الساحة الدولية و العربية، فكان الصوت الأردني حاضرًا بقوة ، داعيًا إلى احترام قرارات الشرعية الدولية، ومحذّرًا من التداعيات الكارثية لأي محاولة لتصفية القضية الفلسطينية أوتهجير ، كما عزز الأردن تحالفاته مع الدول الصديقة، ويسعى إلى بناء جبهة دولية وعربية ل ترامب وخطته لتهجير الفلسطينيين من غزة ، وضم الضفة الغربية .
إن موقف الأردن الثابت إزاء خطة نرامب العقارية والترحيل القسري لا ينبع فقط من التزام أخلاقي تجاه الأشقاء الفلسطينيين ، بل يعكس دوره الأوسع كركيزة للاستقرار في الشرق الأوسط ، فرفضه القاطع لهذه المشاريع يؤكد تمسكه بمبادئ العدالة الدولية، وإيمانه بأن أي حل للقضية الفلسطينية لا يمكن أن يكون إلا عادلًا وشاملًا، يحفظ للشعب الفلسطيني حقه في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة.
وقد أثبت الأردن أنه قادر على إفشال المؤامرات التي تحاك ضد القضية الفلسطينية ، إن القيادة الحكيمة لجلالة الملك عبد الله الثاني، وتحركات الأردن الحازمة ، رسخت صورة المملكة كمدافع صلب عن القضية الفلسطينية، وكما فعل سابقًا عندما أسقط “صفقة القرن”، سيحطم ويجهض خطة ترامب الشيطانية الجديدة ، فالأردن ليس مجرّد جار لفلسطين، بل هو عمقها وسندها، وحارس الحق في وجه الظلم والطغيان .
ومع استمرار التحديات، يظل الأردن قلعةً صامدة، وسدًّا منيعًا أمام أي محاولات لفرض حلول تمس الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ، مؤكدًا أن القضية الفلسطينية ليست مجرد ملف سياسي، بل قضية هوية وحق وعدالة، لن يُسمح بطمسها أو الالتفاف عليها.