زيارة الملك، والشعب الذي لا يُقهر

الدكتور مالك صوان – الأول نيوز –

الغالبية العظمى من الناس متخوِّفة من القادم والمَخفي، لدرجة الشعور بالهلع وأن نهاية الكون قد أوشكت، وتعتقد بأن الخطر المحتوم قادمٌ لا محالة على المنطقة العربية، وبالتحديد أرض سوريا الكبرى (سوريا ولبنان والأردن وفلسطين) ومصر، وبالأَخَص الأردن ومصر وفلسطين، التي شهدت الصراعات العنيفة وحياكة المؤامرات ضدها على مرِّ الزمان.

نعم المرحلة حساسة، ومن الممكن أن تكون حاسمة، كتلك الحقب الزمنية الغابرة؛ التي عاشتها المنطقة والأرض الفلسطينية بالتحديد، والتي رفضها وقاومها الشعب الفلسطيني كخط دفاعٍ أول، بدعم وإسناد ومشاركة الشعوب العربية وجيوشها، نعم الشعوب العربية وجيوشها، التي أذاقت العدو هزائمًا سجلها التاريخ، وسيبقى يتذكرها العدو صاغرًا باكيًا متألمًا.

لم تتوانى الدول العربية مثل: مصر وسوريا والعراق ولبنان والجزائر ودول الخليج وغيرها، في دعم صمود وتضحيات الشعب العربي الفلسطيني البطل، التي نأمل عودتها بتلك الوتيرةِ من جديد، أما الأردن، لم يكن مدافعًا عن الموقف الوطني الفلسطيني فقط، وعن حق الشعب العربي الفلسطيني في تقرير مصيره، لا بل كان شريكًا رئيسيًا في ذلك على الدوام، ولم يتخلَّ عن واجبه تجاه أخوته الفلسطينيين قط، وتحمل تبعات ذلك ودفع أغلى الأثمان للحفاظ على ثبات مواقفه، فالأردن العضيد والسند، آمَنَ بوحدة الدم والأخوة والمصير المشترك.

الشعب الذي دافع عن عزته وكرامته، واستشرس لحماية أرضه وعرضه، خلال هذه العقود من الزمن، والشعب الذي قدَّم وصمد طيلة 471 يومًا من التقتيل والتدمير والإبادة الجماعية والتطهير العرقي، مِن قبل عدوٍ نازيٍ بربري، لا يعرف معنىً للإنسانية والرحمة، هذا الشعب، لن تستطيع كل قوى الكون مجتمعةً أن تُخرجه أو تقتلعه من أرضه، فهذا الشعب اعتاد على مواجهة ومقاومة المحتلين لأرضه منذ بدء الخليقة، الفلسطينيون وبالتحديد الغزيون منهم، لم يأتوا إلى هذه الدنيا عبثًا، فالله قد اصطفاهم من دون خلقه، ليكونوا أهل الحشد والرباط، في الأرض المقدسة، التي بارك الله حولها، من أرض سوريا الكبرى.

سيعلم كل أولئك المتآمرين على فلسطين وشعبها، الذين أرادوا التخلص من اليهود وشرورهم في دولهم، وساهموا وساعدوا وعملوا كل ما بوسعهم لإنشاء دولة الكيان المحتل، على أرضٍ عربيةٍ غريبة عنهم، لا حقَّ لهم فيها حتى تاريخيًا، هؤلاء المتآمرون؛ الذين بذلوا قصارى جهدهم وقوتهم لدعم مشروعهم في المنطقة، وزرع دولة الكيان المحتل، ودعم مشروعها التوسعي الاستيطاني الإحلالي، كما فعلوا ويفعلون حاليًا، سيعلم هؤلاء بأنهم لن يكونوا أقوى وأشدُ جَلَدًا من ذلك الشعب الجبار، المنتمي لكل ذرةٍ من ذراتِ تراب وطنه، ولن تكون عزيمتهم ويقينهم أعتى من عزيمة ويقين أصحاب الأرض، وحماة العرض، وعشّاق العزة والكرامة.

نعم، في الحرب الأخيرة على غزة، هناك من غادر أرضه لأسبابٍ مختلفة، وبذَلَ كل ما بوسعه من أجل ذلك، لكنها نسبة لا تشكل خطرًا ولن تغير من يقين وعزيمة الغالبية المناضلة الصامدة المرابطة، وهناك من سيغادر مستقبلًا تحت أسبابٍ كثيرة منها العلاجية، لكنها أيضًا لن تكون إلا نسبةً بسيطة، لن تحقق للحالمين والمذهونين والمتربصين غاية.

التهجير للفلسطينيين، فكرة قامت قبل قِيام دولة الاحتلال ودعمها والاعتراف بها دوليًا، لكن هذا الشعب الجبار المُنغَمس والمُنغرس في أرضه، حطَّم ودمرَّ كل تلك المعتقدات والأفكار والمؤامرات؛ التي حيكَت ضده، وللتذكير، لن تكون هذه المؤامرة أشد مرارةً وجبروتًا وهولًا من تلك المؤامرات السابقة:
فالشعب الذي أفشل خطة سيناء عام 1953 بهبة آذار عام 1955، وأفشل مشروع أشكول عام 1965، وأفشل خطة شارون عام 1970 بصموده وأحداث حرب أكتوبر عام 1973، وأفشل وثيقة “أبو مازن – بيلين” عام 1995، وأفشل صفقة القرن 2018، قادرٌ على إفشال كل المخططات والأحلام والمؤامرات.

الشعب الفلسطيني قال كلمته طيلة 471 يومًا من المقاومة والصبر والرباط، ولا يزال وسيبقى يقولها بتلك الوتيرة وأكثر شِدّة، ورجل السلام، وارث الحنكة والشجاعة والإقدام كابرًا عن كابر، الوصي الشرعي على المقدسات الإسلامية والمسيحية في الأرض المباركة، صاحب المواقف الثابتة التي لا تتغير، والعزيمة التي لا تلين، مليكنا المفدى جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين -حفظه الله ورعاه-، قال كلمته الفصل، واضحةً جليَّةً مدوِّية، التي أشعرتنا بالأمان والاطمئنان، وعززت فينا الثقة واليقين، آملين من الله عز وجل أن يوفقه اليوم في لقائه مع الرئيس ترامب، ويسدد على طريق الخير خطاه.

حفظ الله الأردن وفلسطين ومصر وكل بلاد العرب من كل شر، وأبعد عنهم كيد الكائدين وشرَّ المتآمرين.

#مالك_صوّان

عن Alaa

شاهد أيضاً

كيف حالك؟!!

الأول نيوز – د. ذوقان عبيدات يبادر الأردني، وغير الأردني حين يلتقي بشخص يعرفه، أو …