قوّة الحقّ لا حقّ القوّة

 

اللواء الركن المتقاعد فارس  سليم الهروط –

 

الأول نيوز –      تعاني الأمة من وضع لا تحسد عليه من تفكك، وتنافر واستهداف في الصراع العربي الإسرائيلي، رغم أن الحقائق تؤكد أن إسرائيل لم تواجه الأمة العربية يوماً منفردةً ، كما أن الأمة العربية لم تواجهها مجتمعةً ؛ فإسرائيل أداة وذراع تنفيذ لجبهة الصراع الحقيقي المتمثل في أمريكا ومعظم الدول الأوروبية، واستناداً لذلك حاربت إسرائيل العرب عسكرياً وسياسياً واقتصادياً بكامل إمكانيات الغرب، فهيئة الأمم ومجلس الأمن الدولي سخِّرا لتأييد ما يخدمها من قرارات، ونقض ما يعارضها؛ وتجلى ذلك منذ وعد بلفور المشؤوم حتى يومنا هذا، فلا حاجة لبراهين أو دلائل كلنا شاهد على محاولتهم إبادة غزة بإجماع غربيّ، منذ اليوم الأول للصراع وصلت البوارج الأمريكية وشحنات الأسلحة الغربية، وتسابق كثير من رؤساء الدول الغربية لإعلان انحيازهم في صف إسرائيل وتهديد كل من يحاول مدّ يد العون لأهلنا هناك، ضاربةً بعرض الحائط حقوق الإنسان، ودماء المدنيين، وأرواح الأطفال.

أما الجانب العربيّ للصراع ضد الوجود الصهيوني فقد تمثل بمواجهات قطرية فقط؛ فكل دولة خاضت الصراع مستندة الى قوتها العسكرية مراعية مصالحها الوطنية، كانت البداية من قبل ثوار فلسطينيين ومتطوعين عرب، تلاها مواجهات عسكرية منذ عام 1948 م حتى عامنا هذا، مرورا بمعركة الكرامة التي سطّر فيها الأردنيون بدمائهم الزكيّة وقيادة المغفور له الحسين بن طلال أول انتصار عربي كسر مقولة الجيش الذي لا يقهر، وللإنصاف أكاد أجزم أنه في جميع الصراعات كانت قلوب الأمة متحدةً، مجتمعةً، منحازةً في دعائها.

احتملت الأردن ومصر وسوريا ولبنان العبء الأكبر، وحُمّلت مسؤولية الخسارة رغم ما قدمته من خسائر مادية وبشرية وما يزيد قسوة الانكسار والهزيمة، ويدمي القلب كيل التهم بالخيانة والعمالة والتآمر للآخر في وصف لحالة عربية موجودة معنوياً وليس حقيقة.

ما دار في لقاء واشنطن تمثيل للموقف الغربيّ الذي طالما غلف بغلاف دبلوماسي أنيق، يزينونه بكافة أداوتهم الإعلامية والسياسية، حتى أعلنه الرئيس الأمريكي ترامب بكل وضوح في قرار الاستيلاء على غزّة، والرد بكل فضاضة: “إلى السلطة الأمريكية” مستنداً إلى حقّ القوّة. فيصدر جلالة الملك بقوّة الحقّ بياناً هاشمياً يظهر عمق الدبلوماسية الأردنية، وتسمية الأمور بمسمياتها الحقيقية برفض جلالته الخطة الأمريكية، والوقوف عند المصلحة الأردنية أولا، ثم انتظار الموقف المصريّ، واجتماع الرياض، وليس عبثاً إشارته الى الشقيقة الكبرى وبلاد الحرمين بل لأن قضية فلسطين عربية، وهذا الحجم من الاعتداء يستلزم وقوف الأمة العربية بصلابة لمواجهته.

ونحن – الأردنيين – نقف خلف رايتنا الهاشمية وقيادتنا الحكيمة موقفا ثابتاً داعماً لأهلنا في فلسطين، وكلنا رجاء أن تدرك الأمة حجم المخاطر؛ عسى أن تتراحم وتجتمع، وتنأى بنفسها عن كيل التهم، وأن يرتقي الإعلام إلى نقل الحقائق والعمل على التأليف لا التفريق.

 

 

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

في عيد الحب هل يعود الحب ؟

حنين عبيدات – الأول نيوز – هل سيجتمع الشعراء بقصيدة عنوانها ” حب و وفاء”؟ …