الأول نيوز – د. ذوقان عبيدات –
قالوا: بحق السماء! لا تكتب عن التعليم، وانسَ المناهج! ألست مختصُا بالفلسفة؟ اكتب عن محسني الفكر البشري: سقراط، وإفلاطون، وأرسطو! اكتب عن ديكارت، أو هيجل، ولا تقترب من كارل ماركس! اكتب عن سارتر، وسيمون دي بوفوار، وابتعد عن صفية زغلول، وهدى شعراوي، ونوال السعداوي! وابتعد عن ابن رشد، وحسن الصباح وغيرهم؛ كي لا تفتح عليك أبوابًا مغلقة، وحتى تبتعد عن حسن نصر الله، والمقاومة، واكتب ما تشاء.
ألم تسمع بما حدث لأحمد الزعبي؟
حينها، قررت الكتابة عن قيم الجمال، وهي القيم الأكثر أمنًا،
فما الجمال؟
(١)
الجمال
الحق، والخير، والجمال هي أعلى القيم في الفلسفة اليونانية، فالحق أساس علم التفكير، والمنطق، والمعرفة. والخير أساس علم الأخلاق والضمير. والجمال أساس علم الجمال!
بل قالوا: الحق جمال، والخير جمال! فبالجمال تلتقي قيم الإنسانية جميعها.
والجمال هو تكامل عناصر هي:
تباين الأجزاء ، وانسجامها، واكتمالها، وبهاؤها! هذه شروط العمل الجميل، سواء أكانت وردة، أم امرأة، أم لوحة أم تمثالًا، أم قصيدة؛ وإذا اختفى عنصر منها فُقِد الجمال، فالقصيدة غير المكتملة ليست جميلة، واللوحة ذات اللون الواحد ليست جميلة، وهكذا..
فالجمال، تباين، وتنوّع، وبهاء!
فلا جمال إذا لم ينتقل بهاؤه إليك!
(٢)
قيم جمالية أربع
في الجمال أربع قيم أساسية هي:
الرقة، مقابل الروعة، والجمال مقابل الحلاوة. وفي التوضيح:
الرقة جمال أنيق جاذب، تقربك من الموضوع؛ حتى تراه بيدك، وتلمسه بعينك! يقودك لمسافة الصفر.
فجدول الماء رقيق، والفتاة الفاتنة رقيقة، والزهرة قبل تفتحها رقيقة،
والعشب النامي لتوّه رقيق!
أما الروعة، فهي جمال مفرط، يدهشك، ويبعدك عن الموضوع؛
فالليل الحالك رائع، وموج البحر الهائج رائع، والصخور الحادة العالية رائعة! والفائقة الجمال رائعة. وهذا يقودك إلى مسافة على حافة المياه الإقليمية.
ولذلك، إذا أردت أن تعشق، فعليك بالرقة! وإذا أردت أن تخاطر، فعليك بالروعة!
(٣)
الجمال والحلاوة
يقول الفلاسفة: الجمال هو انسجام العناصر، وتعددها، وتنوعها، وبهاؤها.
بينما الحلاوة هي الملاحة، والأناقة، والحداثة!
وهل ننسى أن الشاعر الدارمي قال:
قل للمليحة في الخمار الأسود! ولم يقل: قل للجميلة..
فما الفرق؟
اختلفت سيدتان: أيّهما أجمل!
فاحتكمتا عند عمر بن أبي ربيعة، فقال للأولى بعد النظر، والحديث:
أنت أجمل، وقال للثانية: أنت أحلى!
كانت الأولى ممشوقة القوام، ذات خصر دقيق، وعيون واسعة، وشعر طويل … إلخ من مظاهر حسية.
وكانت الثانية، أنيقة، ذات ملابس
وفق الموضة، مرِحة، ذات حضور لافت، لبقة الحديث! رشيقة.
فمن التي حكم لصالحها عمر؟
قيل: الجمال يتخاذل مع العمر،
والحلاوة تتكاثر مع العمر!!!!!
وهكذا!
الحلاوة، والجمال تنوع، واختلاف، وأخذ، ورد! فكر، ورأي معاكس!
قديم وحديث، قبول ورفض!
خصومة، ووفاق!
فلا نقول: إما، أو! بل نقول: كلها معًا!
فهمت عليّ؟!!