اتّفاق هشّ في غزّة.. نتنياهو يناور بسلاح ترامب

الأول نيوز – مع انقضاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار الذي أبرمته المقاومة الفلسطينية مع الاحتلال الصهيوني، والذي قضى بوقف العدوان “مؤقتاً حتى اللحظة” إن جاز التعبير، حرباً فاشية شنّها العدو على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر من العام 2023، ارتكب خلالها العدوّ إبادةً جماعيةً وتهجيراً قسرياً، مدعوماً بأكبر القوى الفاشية في العالم، يبرز الحديث عن معالم “المرحلة الثانية” من الاتفاق، والتي يسنّها جوهر الاتفاق، إلّا أنّ هذه المعالم لم تتكشف بعد.

في هذه الأيام من المرحلة الأولى، كان من المفترض إنجاز معظم الحوار حول المرحلة الثانية، فوفقًا لنص الاتفاق، من المقرر أن تبدأ الأطراف محادثات المرحلة الثانية عقب مرور 16 يومًا على بدء المرحلة الأولى، التي تستمر لمدة 42 يومًا. إلّا أن طرفاً واحداً يعيق الوصول إلى هذه الحالة، وهو “الجانب الإسرائيلي” ممثلاً برئيس حكومته المتطرفة “بنيامين نتنياهو”، وذلك بعد أن استقوى بوصول الرئيس الأمريكي الجديد “دونالد ترامب”، ويأخذ نتنياهو بيده أحاديث ترامب مؤخّراً حول “وجوب القضاء على المقاومة الفلسطينية، بحجّة أنّه يريد حياةً أفضل للفلسطينيين.

دعوى ترامب هذه وأسبابها وكأن الفلسطينيين جلبوا الدمار لأنفسهم، لا لوقوعهم تحت الاحتلال منذ أكثر من 77 عاماً، يستخدم معهم كل أساليب القتل بسلاح أمريكا أصلاً، وليس بعيداً عن هذا الموضوع، فقد أخذ نتنياهو دعوى ترامب سلاحاً للمناورة في مفاوضات المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار، بل وحتّى أخذ يلاعب في تنفيذ المرحلة الأولى منه أصلاً، فمن تهديده بعدم استكمال الاتفاق، وصولاً إلى تأخير الإفراج عن الدفعة السابعة من الأسرى والمتفق عليه مسبقاً، على الرغم من إفراج المقاومة عن 6 أسرى “إسرائيليين” السبت الماضي؛ وذلك بحجّة الإهانة التي يتعرض لها الأسرى “الإسرائيليون”.

موقف الفصائل

في هذا الإطار، قال عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مروان عبد العال، إنّ خروقات الاحتلال مستمرة وتظهر في نهاية المرحلة الأولى، معتبراً أنّ التلكؤ الحالي هو شكل من أشكال المناورة، ووفق المعطيات الحالية، يأتي لممارسة ضغطٍ على المقاومة واتهامها بتعمد إهانة الاحتلال سواء عند إعادة جثة فلسطينية، بدلاً من جثة شيري بيباس، أو تقبيل اسير صهيوني جبين مقاوم من القسام.

وأضاف عبد العال أنّ ليس سراً أنّ نتنياهو يبحث عن طرقٍ التفافية، مثل تمديد المرحلة أو مرحلتها؛ بهدف تأجيل الارتدادات السياسية للصفقة، عند الوصول إلى مرحلة تحرير المئات من الأسرى الفلسطينيين، وانسحاب قوات الجيش بشكل كامل من القطاع، وإنهاء الحرب.

وأكد عبد العال على أنّ موقف فصائل المقاومة مبنيٌّ على ركيزتين أساسيتين: الأولى هي صمود الأسطوري لشعبنا والذي برهن أنّه شعب لا يقهر، فإن أعاد الحرب لن يحصد إلا الخيبة، والقوة الثانية هي البعد المقاوم. والتي أراد العدو سحقها وبكل الوسائل ولكن تفاجأ مع الكثيرين بأنها مازالت تمتلك السيطرة والتحكم وهي حقيقة موجودة على الأرض والرهان على القضاء عليها أو فصلها عن بيئتها أمر مستحيل، ويضاف إلى ذلك أنّ زمام المبادرة بيد المقاومة وخاصة ورقة الأسرى، والأهم بإدارة المقاومة للمعركة التفاوضية ببرودة وحنكة وخبرة.

وشدّد عضو المكتب السياسي للجبهة على ضرورة أن يتم استنفاذ كافة الوسائل الدولية والدبلوماسية العربية والدولية وعلى رأسها القوى الضامنة والوسطاء؛ وذلك لتعطيل مفاعيل التهديدات الأمريكية ومنع استخدامها، فالاتفاق تحقق بطلب أمريكي ومفاده كان أنّ القوة العسكرية لا تنفع، والأسرى لن يفرج عنهم بالقوة.

وحول دعوى التهجير التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، رأى عبد العال أنّ أقصر الطرق لمواجهتها هي معالجة أزمة المشروع الوطني الفلسطيني، وإدراك قيمة الوحدة الوطنية الفلسطينية، في التصدي لمخططات “اليوم التالي”. وهذا يستوجب بلورة استراتيجية فلسطينية، قائمة على مضمون تحرر ووطني وبناء المؤسسات الوطنية على أسس ديمقراطية، ان نتقدم برؤية موحدة لحماية الوجود الفلسطيني في غزة والضفة وفي كل أماكن

إشارات التعطيل

في هذا الإطار، يقول مدير مركز عروبة للأبحاث والتفكير الاستراتيجي، أحمد الطناني  إنّ الإشارات المتعلقة بتعطيل المرحلة الثانية من اتفاق التهدئة قد بدأت بالظهور مع عكوف رئيس وزراء الاحتلال نتنياهو على تغيير تشكيلة وفد التفاوض، والاتجاه لتعيين وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر رئيسًا للوفد، بدلاً من رئيس الموساد دافيد برنياع.

ورأى الطناني أنّ هذا التغيير قد يحمل في طياته رغبة نتنياهو في تجنب تجربة المرحلة الأولى، التي شهدت خلافات بين أعضاء الوفد والائتلاف الحكومي حول ترتيب الأولويات، وذلك في الوقت الذي صعّد وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، من خطابه تجاه المرحلة الثانية، معتبرًا أن تنفيذها يعني “نهاية الحرب بالنسبة لحماس”، مع انسحاب كامل لجيش الاحتلال من غزة، وإعادة إعمار القطاع.

وذكر أنّه وعلى مدار أيام التهدئة الماضية سعى الاحتلال إلى تقديم ذرائع متعددة للتنصل من تنفيذ التزاماته، كان أبرزها تعطيل عودة النازحين إلى منازلهم في شمال القطاع، حيث ربط ذلك بإطلاق سراح الأسيرة أربيل يهود. مما خلق أزمة نجح الوسطاء في احتوائها عبر قيام المقاومة بإطلاق سراح الأسيرة إلى جانب أسيرتين أخريين، ما سمح بعودة النازحين تدريجيًا من جنوب القطاع إلى مناطقه الشمالية.

كما أشار إلى أنّ حكومة الاحتلال تستمرّ في إظهار امتعاضها من مشاهد إطلاق سراح المقاومة للأسرى والاستعراض الذي يترافق معها من جانب المقاومة. الأمر الذي تتخذه حكومة ذريعةً لاتخاذ خطوات أحادية، ما يشير إلى نية مستمرة للمماطلة وإيجاد ذرائع جديدة لعدم الالتزام الكامل بشروط الاتفاق.

سيناريوهات متعددة

ويضيف الطناني  تشير كل المؤشرات إلى أن إدارة البيت الأبيض ما زالت تتمسك بضرورة إتمام مراحل الصفقة، على قاعدة استكمال عملية إطلاق سراح الأسرى. إلا أن تصريحات الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، حول “إفراغ قطاع غزة من سكانه” والتعامل مع أرضه كفرصة استثمارية، عكست محاولة لإعادة إنتاج مفهوم الترانسفير بأسلوب جديد يحمل “لمسة ترامبية”، ففي هذا السياق، تبدو حكومة بنيامين نتنياهو في موقع المنسجم تمامًا مع خطاب ترامب، الذي شكل سقفًا أعلى مما كانت تطمح إليه يومًا. ومن الواضح أن نتنياهو حريص على تجنب أي نوع من التجاذب مع الإدارة الأميركية أو إرسال رسائل قد تعتبرها سلبية، خاصة في ظل تمسك البيت الأبيض بالمضي قدمًا في إطار ترتيبات شاملة للشرق الأوسط، يتصدرها إنجاز التطبيع مع السعودية، وهو هدف يسعى إليه نتنياهو بشدة منذ سنوات.

وحول السيناريو الأقرب، رأى الطناني أنّ الطريق الأقرب الذي سيتبّعه نتنياهو هو(المماطلة في التفاوض)، فهو يتيح له فرصة لممارسة مزيد من الضغط على حركة حماس للتخلي عن حكمها لقطاع غزة، والقبول بصيغة إدارة للقطاع تلبي المعايير الإسرائيلية وتحظى بقبول دولي. مما يمكّنه من الادعاء بتحقيق أهداف الحرب، خاصة في ظل مطالبات وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، بإقصاء حماس عن الحكم كشرط للمضي قدمًا في التهدئة. (الهدف)

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

66.60 دينارًا لعيار 21 .. أسعار الذهب في السوق المحلية السبت

الأول نيوز – بلغ سعر بيع غرام الذهب من عيار 21، الأكثر طلبًا بين المواطنين، …