الاول نيوز – اجمع مرشحو انتخابات منصب نقيب الصحفيين للدورة المقبلة على ان الاعلام الاردني يشهد ازمة وتراجعا واضحا، تتحمل مسؤوليته اكثر من جهة على راسها الحكومات المتعاقبة، معتبرين ان ازمة العمل النقابي الصحفي جزء من الأزمة الأم للاعلام.
ولم يكد يختلف هؤلاء المرشحون، في ندوة عقدها مساء الاثنين صالون امانة عمان الثقافي في مركز الحسين الثقافي براس العين، على ان هذه الازمة التي يراوح اصلاحها مكانه منذ سنوات، يفقد الدولة سلاحا مهما بوقوفها ضد تحديات كبرى تواجهها، ويقصر ايضا في الدفاع عن المواطن.
وشارك بالندوة تحت عنوان: “الاعلام الاردني.. بين الأزمة ومحاولات الاصلاح: كيف يكون سلاحا بوجه التحديات التي تواجه الاردن اليوم”، المرشحون لمنصب نقيب الصحفيين الزملاء طارق المومني، جمال العلوي وفلحة بريزات، وقدم لها مدير دائرة المرافق والبرامج الثقافية بالامانة الزميل عبد الهادي راجي المجالي، وادارها الزميل ماجد توبه.
وفيما اعتبر العلوي ان الصحافة والنقابة عليها استعادة “هيبتها” التي فقدتها في السنوات الاخيرة، رات بريزات ان الحكومات فقدت البوصلة الاعلامية وركزت على الترضية على حساب الكفاءة، بينما راى المومني ان الحكومات وقعت في تخبط اداري وتشريعي بالتعامل مع ملف الاعلام توجهته بقانون الجرائم الالكترونية.
المومني: لا جدية حكومية في تطوير الاعلام
من جهته، تساءل المومني فيما اذا كانت الحكومة تريد فعلا إعلاما وطنيا ومهنيا؟!، على ضوء ممارسات الحكومات السابقة، في ضوء التخبط بالغاء وزارة للإعلام، ثم استحداث مجلس اعلى للاعلام ثم وزارة اتصال، واليوم نسمع حديثا حول إلغائها، والعوده الى مجلس اعلى للإعلام “.
وأضاف، “في ملف التشريعات الإعلامية نتقدم خطوه ولكننا نعود خطوات الى الوراء، في ظل تخبط واضح، لا يرتقي بالحريات الصحفية، والتشريعات الناظمة للعمل الإعلامي”
واعتبر المومني انه لا توجد جدية حكومية بأن يكون لدينا اعلام وطني، وإعلاميين، ومؤسسات صحفية، على الرغم من أننا نمتلك العديد من نقاط القوة تسهم في تطوير المشهد الإعلامي، وصناعة إعلام مهني ومتميز وفق التوجيهات الملكية السامية (اعلام سقفه السماء)، في ظل خبرات صحفية متعددة، وكفاءات إعلامية مدربة ومؤهلة، ومؤسسات ذات خبرة بالاعلام.
واستدرك بالمقابل هنالك نقاط ضعف بالمشهد، الاعلامي، منها تعدد المرجعيات، تحاول التدخل بالمشهد الاعلامي وتعيق تطوره، ولا يخفى على أحد أن كل حكومة تريد ان تسيطر على الاعلام، إلى جانب قله التمويل والانفاق على وسائل الاعلام”.
وزاد المومني، لا ينقصنا شي من الكفاءات والخبرات للوصول إلى إعلام متميز، ونمتلك قيادات إعلامية ساهمت في بناء العديد من وسائل الإعلام العربية والدولية.
وانتقد، التشريعات الإعلامية، “لا يمكن ان يكون هنالك اكثر من 20 تشريعا يحكم العمل الصحفي والاعلامي، وثمة تغول في هذا الجانب .. نحن بحاجة إلى تشريعين اثنين فقط، أحدهما تنظيمي، والآخر لمعالجة بعض القضايا المتعلقة بالمخالفات والتجاوزات”.
كما انتقد، قانون الجرائم الإلكترونية، قائلا ” هذا القانون وصمة في جبين الدولة، ولا يمكن ان يبقى هذا القانون، إذ أنه يعاقب على النية ان كانت سيئه أم حسنة.
ودعا المومني، الأسرة الصحفية الى أن تتكاتف حتى تلغي جميع المواد القانونية “المطاطة” في القانون.
وأكد، أن الأردن يستحق تشريعات ناظمة للعمل الصحفي والاعلامي، تدعم حريه الصحافة، لأن حرية الصحافة مؤشر على تقدم الدول، وأساس في نهضة أي مجتمع، وأحد عوامل جذب الاستثمار، إلى جانب المؤشر الآخر وهو القضاء المستقل.
وأشار المومني، إلى المسؤولية الكبيرة على مجلس نقابة الصحفيين القادم، في النهوض بتقديم الخدمات لأعضاء الهيئة العامة مثل التأمين الصحي، وتعزيز الحريات الصحفيةا وضرورة العودة لاصدار تقرير الحريات الصحفية بعد توقفه منذ عام 2017 ، بالإضافة إلى صندوق لدعم الإعلام الوطني، وملف التدريب والتأهيل وتنمية القدرات وتطويرها، أتمتة أعمال النقابة، حماية الصحفيين، والحفاظ على المؤسسات الإعلامية وغيرها من المطالب والمهام حتى يكون المجلس عند مستوى آمال وطموحات الهيئة العامة.
وردا على سؤال، أوضح المومني “منذ فترة والحكومات المتعاقبة تتخلى عن الإعلام بالشكل الذي يريده الصحفيون كإعلام متعدد ومستقل ومهني، ولكنها تريد ان تبقي قبضتها على وسائل الاعلام المختلفة”.
العلوي: يجب ان نستعيد هيبة الصحافة والنقابة
اما الزميل جمال العلوي فركز على ان هيبة النقابة والصحافة ضاعت.
وأكد أن الصحافة تشهد تحديات جسام، يبدأ من لحظه وقوف عامل توزيع الصحف على الإشارة الضوئية كي “يتسول” من أجل بيع نسخة منها، لذا علينا أن نسأل لماذا وصلنا الى هذا الحال ؟! بعد ان اسس صحافيونا الكبار صحافة قوية كان يشار لها بالبنان.
وعرض العلوي لأبرز الأسباب التي أدت إلى تردي المشهد الإعلامي، ومنها: أن المحتوى الإعلامي في الصحف تراجع، ولم يعد مقبولا، في ظل التحولات التي عصفت بالاعلام، وانتشار منصات التواصل، ووسائل الاتصال الحديثة دون مواكبتها من الاعلام التقليدي.
وأضاف العلوي، وصلنا إلى هذا الواقع أيضا بسبب مسيرة عمل الحكومات المتعاقبة التي جعلت من مواقع رؤساء مجلس إلادارة، ورؤساء التحري عبارة عن جوائز ترضية، موضحا “شهدنا خلال اقل من نصف عام عدة تعينيات لرؤساء مجالس إدارة في الصحف اليومية”.
وتابع، ” في ظل هذا المشهد المؤلم يجب على الحكومات ان تتوقف عن تدوير الاشخاص، وتوزيع جوائز الترضية في الاعلام على حساب الكفاءة وأن تفكر جديا في رسالة الاعلام، وإيصاله الى ابعاد مهمة، لحمايه الخطاب الاعلامي وصيانته”
وقال العلوي، يبدأ التغيير من تعزيز دور رئيس التحرير في تقديم القناعات والمحافظة على التعامل مع جميع وجهات النظر، والابتعاد عن الاقصاء، وتحول الصحفي إلى الاستثمار بالخبر، وليس الاستثمار في الحكومات صاحبه التعيين لرئيس مجلس الإدارة.
كما أن التغيير يبدأ من قانون الجرائم الالكتروني، وإلغاء الغرامات التي اصبحت سيفا مسلطا على الاعلاميين والصحفيين، وترسم صوره للحريات الاعلامية غير مقبولة. مبينا “علينا ان نقنع الدوله ومؤسساتها وحكوماتها أن الاعلام والصحف الورقية يجب ان تعيش معنا لمده 50 عاما قادما، وهي إحدى وسائل الدفاع عن الرواية الرسمية، والقادرة على تقديمها بصوره لائقه، وهي قادره كذلك على خوض معارك في مواجهة التحديات السياسية التي تمر بها الدولة.
وطالب الحكومة بوضع آليات لدعم الصحافة بكل تلاوينها واطيافها، وتعزيز حرية وسائل الإعلام، كي يصبح سقفها السماء، الأمر الذي يعزز المصداقية والتعددية الإعلامية، ويعيد القارئ إلى الصحف والمواقع الإلكترونية، والمشاهد إلى متابعة المحطات التلفزيونية.
ودعا نقابة الصحفيين للقيام بدورها في حمايه الصحفيين والاستجابة إلى تطلعاتهم في تغيير القوانين الإعلامية التي عفا عليها الزمن. وأن نتحول إلى إعلام دولة لا إعلام حكومات، له مرجعية واحده لا عده مرجعيات.
ولمواجهة الاستحقاقات المطلوبة، طالب العلوي، بتشكيل مجلس أعلى للاعلام، يتبنى رؤية وضوابط ومنهجية مختلفة، والعمل على إلغاء التوقيف في قضايا المطبوعات والنشر.
بريزات: الحكومات فقدت البوصلة الاعلامية
من جانبها، طرحت الزميلة فلحة بريزات عدة تساؤلات حول المشهد الإعلامي قبل البحث عن حلول اصلاحية، وتساءلت “في أي اتجاه نسير في ظل التراجع الإعلامي الذي نشهده، وهل فعلا نعاني من ازمه في الاعلام ؟! ومن هم الشركاء في هذه الازمة؟ وما هي العوامل التي أدت الى ذلك؟ وهل هي بفعل السياسات ام من الجسم الصحفي والاعلامي؟ ام عملية متشابكة مركبة؟ وهل هنالك محاولات جاده لإصلاح الإعلام؟
ورات بريزات، التي لم تخف تشاؤمها من واقع الاعلام الحالي، ان ثمة فقدان للبوصلة الاعلامية لدى الحكومات، فهي تنتقد غياب الاعلام القوي وفي ذات الوقت تتخبط بسياساتها وتشريعاتها، ووتتدخل سلبيا في اعاقتها، وقانون الجرائم الالكترونية الذي بات سيفا مسلطا على راس الجميع مثال واضح لذلك.
واوضحت بريزات، أن التغيرات والتحولات التي حدثت في صناعه الاعلام، أحدثت إزاحة في المشهد الاعلامي لم يتم مواكبتها حكوميا ونقابيا، مؤكدة ضرورة الوقوف على حجمها، والعوامل التي أدت الى تراجع الإعلام او على الأقل إلى ثبات الاعلام دون اي تقدم.
واعتبرت بريزات ان تعدد المرجعيات في عمل الإعلام، وتداخل عملها وتناقضها احيانا يكون على حساب الاعلام ومهنيته والثقة به لتقديم رسالة المواطن والدولة والدفاع عنهما. كما لفتت الى مشكلة “التغير المستمر في ادارات العمل الاعلامي لانه لا يبنى احيانا كثيرا على الكفاءة بل الترضية ما يمنع من السير في استراتيجيات تطوير الاعلام والارتقاء بادائه”.
واضافت في هذا السياق الى ان التغيير المستمر في وضع الاستراتيجيات والتشريعات والخطط الاعلامية يكاد يذهب سدى، ولا يتم الالتزام به ويتم شخصنته من قبل المسؤول القادم، وقالت ” لا نبني على ما تم انجازه، بل نستمريء كمسؤولين التغيير لاننا فقط لم نضع الاستراتيجية او الخطة حتى لو كانت مناسبة وجيدة الأمر الذي يساهم بتراجع المشهد الاعلامي والدوران في ذات الحلقة، كما أن بعض إدارات الإعلام ساهمت بظهور صحفيين غير متمرسين ولكن على حساب هوية الدولة الاردنية ومصالحها”.
وتحدثت عن ما اسمته بـ ” فقدان للبوصلة الاعلامية بدليل ان الاعلام الجديد قد غزا المشهد، والحكومات لم تحسن مواكبة التغيرات.. وهي لم لا تعرف ما تريد حقا من الاعلام، ثمة محاولات ولكنها لا ترقى الى المستوى المطلوب ما يؤثر على الاعلام ودوره الحقيقي وعلى رسالة الدولة”.
ودعت إلى ضرورة إيجاد مناخ صديق للعمل الصحفي والاعلامي، ومنظومة متكاملة للإعلام تحكم عمله، قائلة : ” نحن نقر القانون قبل أن نضع المسوغات القانونية ونناقشها بعمق ثم نتفاجأ بأن هذا القانون لا يلبي الطموح، وعلى أرض الواقع نشهد خللا كبيرا، فنبدا بالتفكير بتغييره وتعديله لكن وفق ذات الاليات”.
وانتقدت بريزات كذلك، ” التخبط في إنشاء وزارة إعلام ثم إلغائها، ثم وضع مسميات جديدة كمجالس للإعلام”. وطالبت بعقد حوار وطني جاد يناقش الازمات على ارض الواقع دون تجميل للصورة، بهدف الوصول الى إعلام واضح وقوي وقادر على مساندة الدولة بوجه التحديات ويؤكد على اهمية الاعلام كسلاح فعال للوطن، “وعدم اعتماد جوائز الترضية في المناصب الإعلامية”.
ودعت بريزات فيما يتعلق بتطوير نقابة الصحفيين الى ضرورة العمل يدا واحدا وبافكار توافقية، وبحرص على الخروج من الازمات المتراكمة، خدمية كانت او نقابية او تشريعية. مؤكدة انه لا يجب ان نبقى نجلد نقابة عمرها 73 سنة دون التوحد على برامج واضحة لحل ازماتها والارتقاء بالمهنة.