المحامي الدكتور احمد الطهاروة – الأول نيوز –
طرأت حديثاً تغييرات عديدة على مفهوم العقوبة في معظم دول العالم حيث أن الدراسات الإجتماعية والقانونية الحديثة التي تقيس أثر العقوبة على المجرم أثبتت أن ما تتسبب فيه العقوبة من أضرار جسيمة ونفسية لا يمكن تداركها إلا بتغيير نظام العقوبات السالبة للحرية والاعتماد على العقوبات البديلة.
ومن خلال عملي لمدة لا تقل عن عشرة سنوات في مراكز الإصلاح والتأهيل تدرجت بالخدمة بها من خفير باب الى مدير مركز إصلاح وتأهيل وجدنا انه في الجرائم التي لا تشكل خطورة كبيرة على المجتمع فإن وضع الجاني في مركز الإصلاح يكون له ضرر بالغ، فمركز الإصلاح والتأهيل ليس كما يتخيل البعض أنه مدرسة للإصلاح والتهذيب، وانما قد تكون مدرسة لتعليم الإجرام، كما ان العقوبات السالبة للحرية تتسبب في الاكتضاض في مراكز الاصلاح والتاهيل مما يعيق تطبيق البرامج الإصلاحية ويعقد تقديم حتى الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية والإجتماعية. كما أن تطبيق العقوبات البديلة يؤدي الى خفض التكاليف على الدولة.
من هنا ذهب المشرع الاردني الى العقوبات البديلة كجزء من استراتيجية العدالة الجنائية الهادفة إلى إصلاح الجناة وإعادة دمجهم في المجتمع، بدلاً من الإقتصار على العقوبات السالبة للحرية، حيث تم إدخال لأول مرة هذه العقوبات بموجب التعديل التشريعي لقانون العقوبات رقم 16 لسنة 1960، الذي أضاف المادة (25 مكرر) في عام 2017.
وفعلت حسناً الجكومة عندما اقرت مؤخراً مشروع قانون معدل لقانون العقوبات لعرضه على مجلس النواب يمنح المحاكم سلطة تقديرية أوسع في استبدال العقوبات السالبة للحرية بالعقوبات البديلة، بحيث أصبحت تشمل الأحكام التي تصل مدة العقوبة السالبة للحرية الى ثلاث سنوات، بعد أن كانت سنة واحدة فقط.
كما أن مشروع القانون استحدث خيار إلزام المحكوم عليه بالإقامة في منزله أو في منطقة جغرافية محدّدة، مع المراقبة الإلكترونية؛ واستحدث ايضاَ خضوع المحكوم عليه وبموافقته لبرنامج علاجي من الإدمان مما يساعد في التخفيف من أعداد النزلاء المتعاطين وسيخضعون لبرامج تعيد دمجهم في المجتمع، ولم يقتصر تطبيق البدائل على القضايا قيد النظر، بل توسع في استخدامها بعد صدور الحكم.