الدكتور مالك صوان –
الأول نيوز – كنتُ وما زلتُ مِن أولئك الذين يمقتون نظام ملالي إيران ويقفون ضده، هذا النظام القمعي الثيوقراطي الذي جلبَ الويلات للدولة والشعب الإيراني ودول المنطقة، هذه العدائية لم تأتِ عبثًا، بل جاءت على أثر الدموية التاريخية لهذا النظام الطائفي منذ نشأته، والذي شهدتُ بعضًا من ديمومة سياسته الدموية، وما تم ممارسته على العراق العربي الشقيق وشعبه العظيم، من حقدٍ شيعيٍّ دفين على نظام صدام حسين، والانتقام من الشعب العراقي بعده. وما نشهده الآن من الدمار الذي خلَّفه اختراقه وهيمنته على أربع عواصمٍ عربيةٍ أخرى.
هذا النظام الذي لم يَرحم، ولم تأخذه الرأفة بحال النساء والأطفال والشيوخ، ولم يسلَم الشجر ولا الحجر من حقده وبطشه، فدمَّر ونهب وقتل ونكَّل بأبناء وبنات أمتنا، وخلّف خرابًا ودمارًا هائلًا وعظيمًا في خمس عواصمٍ كانت قويةً صلبة، عتيَّةً شامخة، عصيَّةً على الأعداء الطامعين، نَخَرَتها سياسته الطائفية، فأثار فيها الفتن، ما ظهر منها وما بطن، فتآكلت وهَوَت. هذه العواصم الخمسة، التي لن تستقر أحوالها بسهولة، فما خلَّفه هذا النظام الطائفي الدموي فيها غير مسبوق، وليس سهلًا إعادتها إلى نصف ما كانت عليه.
ومع ذلك، انتابني شيءٌ من التعاطفِ مع تلك الفئة المضطهدة من الشعب الإيراني، فهو كباقي شعوب العالم لا يعشق القتل والدمار ويحب الحياة، لكنَّ تعبئته مختلفة. هذه الفئة المُعارضة لهذا النظام القمعي المجرم مغلوب على أمرها، مع أنها تشكل الغالبية العظمى من الشعب الإيراني، لقد آن الأوان لها أن تهتدي لرشدها، وتتحرر من نير هذا النظام الطائفي المجرم. هذا التعاطف ينتابني بعد كل هجمة من هجمات الكيان الصهيوني المحتل، الذي وصل بحد دمويته في الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى ما وصل إليه النظام الإيراني في الدول العربية وربما يزيد.
من يستمع للتصريحات الخارقة الحارقة والمُزلزلة ضد دولة الكيان الصهيوني المحتل، التي لا تخلو من التهديد والوعيد من قبل مسؤولي نظام ملالي الطائفي القمعي الدموي، يعتقد بأن دولة الكيان المحتل لن تقوم لها قائمة في اليوم التالي، وستزول عن بكرة أبيها، وأن أولئك الغربيون “اللمم”، القادمون مِن بعيد، مِن مختلف أصقاع الأرض إلى أرض كنعان التاريخية، سيفرّون ويولون الدبر إلى حيث كانوا، ولن تأخذهم في ذلك ندامة. لنتفاجأ بأن هذه التصريحات فقاعية هلامية، لا تشفي ولا تروي من غضب الغاضبين شيئًا على جرائم الاحتلال ضد أهلنا وشعبنا العربي في فلسطين، ولا يُعقَد على طوبار مطلقيها.
بعد كل ما شهدناه خلال العقود الخمسة الماضية من صراع بين عدوين لدودين للأمة العربية، نستطيع أن نقول بأن نظام ملالي الطائفي الدموي، أثبت أنه نظامٌ عبثيٌّ هشٌّ مُخترَق في كافة مجالاته وتفاصيله، ولا يستطيع حماية نفسه وشعبه، فكيف له أن يحمي غيره ويذود عنه؟ فمنذ نشأته لم يخض حربًا من أجل التحرير والتاريخ يشهد، فكيف له أن يحرر فلسطين ومقدساتها؟! من عدوٍ آخر لأمتنا، استباح الأرض وأباد الإنسان على أرضٍ ليست ملكه ولا تعنيه، لا عقائديًا ولا حتى تاريخيًا كما يدَّعي، لكنه عدوٌ ماكرٌ مراوغ، مختلفٌ يعمل بعقليةٍ دمويةٍ أخرى، أساسها الاستيطان والإحلال. وفي المحصلة، لن يبقَ الحالُ على ما هو عليه، ولن يفلح ذلك العدو ولا ذاك، فمصيرهم إلى زوال، فكل ساقٍ سيُسقى بما سقى.