الصين كما رأيناها ، شباب اردنيون في قلب التجربة

الأول نيوز – بلال إبراهيم محمد الطهاروة – الجامعة الأردنية كلية الحقوق –

 

ضمن وفد شبابي أردني برئاسة معالي العين محمد داودية، وبدعوة كريمة من الجانب الصيني، أُتيحت لي فرصة فريدة للاطلاع على واحدة من أبرز التجارب التنموية المعاصرة في العالم.

كانت الزيارة، التي شملت محاور متعددة: سياسية، صناعية، ثقافية، وأكاديمية، فرصة لفهم أعمق لطبيعة الدولة الصينية، وآليات نظامها، وتفاعل شعبها مع هذه المنظومة المعقدة. تجربة لا تُقرأ فقط في الكتب، بل تُعايش عن قرب، وتُفهم من خلال الاحتكاك المباشر.

في العاصمة بكين، جرى لقاء سياسي مهم مع السيد “جين شين” مساعد وزير الدائرة، والسيد “جياو تشي شين” مدير عام إدارة غرب آسيا وشمال أفريقيا، إلى جانب عدد من مسؤولي السياسة الخارجية في دائرة العلاقات الخارجية للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني. وقد أتاحت هذه الحوارات المفتوحة فرصة مباشرة لفهم الرؤية السياسية الصينية تجاه المنطقة، وموقع الأردن ضمن التصور الاستراتيجي الأوسع.

كما زرنا متحف تاريخ الحزب الشيوعي الصيني، حيث استُعرضت أبرز المحطات التاريخية التي مر بها الحزب، مع تركيز خاص على “المسيرة الطويلة” (The Long March) بوصفها لحظة مفصلية في تشكّل الوعي السياسي للحزب والدولة، وركيزة لفهم ذهنية القيادة الصينية المعاصرة.

وفي بكين أيضًا، اطّلعنا على نموذج متقدم من النظارات الذكية التي تنتجها إحدى الشركات التكنولوجية المتخصصة، والتي تدمج بين الاتصال والتطبيقات الذكية بطريقة محمولة، في صورة تُجسّد جانبًا من الحضور الصيني في مجال الصناعات المستقبلية.

أما مدينة تشونغتشينغ، فقد شكّلت نموذجًا حيًّا لفلسفة التنمية الصينية الحديثة؛ حيث تتداخل البنية التحتية المتقدمة مع التضاريس الجبلية والطبيعة الخلابة في مشهد يعكس الانسجام بين الإنسان والمكان.
و في متحف المدينة، تبيّن لنا كيف تحوّلت تشونغتشينغ إلى مركز اقتصادي مؤثر، وترافق ذلك مع محاضرة معمّقة تناولت أبعاد تطورها وأهميتها الاستراتيجية في الداخل الصيني وعلى مستوى الإقليم.

كما شملت الجولة زيارة إلى أحد المصانع المتخصصة في إنتاج الدراجات والسيارات الكهربائية، حيث لمسنا الانضباط العالي في سير العمل، والدقة المتناهية في التفاصيل، والإخلاص الواضح في أداء المهام؛ في تجسيد عملي لقيم الالتزام والجودة التي تقوم عليها ثقافة العمل هناك.

وجاءت زيارة الأرياف المحيطة بالمدينة لتؤكد كيف يمكن للتنمية أن تُدار دون الإضرار بالبيئة، حيث بدا أن الحفاظ على الطبيعة جزء لا يتجزأ من المشروع التنموي، لا عائقًا له.
وفي تجربة شخصية مميزة، تمكّنت من الصعود إلى إحدى أعلى نقاط سور الصين العظيم، في لحظة تتجاوز بعدها الجغرافي لتلامس التاريخي والرمزي في آن واحد.

واختُتم البرنامج بزيارة رسمية لسفارة المملكة الأردنية الهاشمية في بكين، بدعوة كريمة من سعادة السفير حسام الحسيني، في أمسية حملت روح الوطن .

كانت تجربة غنيّة ومثمرة، ليس فقط لنا كشباب أردني، بل للطرفين، بما فتحته من آفاق للفهم، والتقارب، والتعاون المستقبلي .
شكراً لرئيس الوفد ولدولة الصين على إتاحة هذه الفرصة وعلى الإدارة والتنسيق.

عن Alaa

شاهد أيضاً

الى اين تقودنا التغذية الرقمية؟

  الأول نيوز – مارسيل جوينات – يعد مفهوم التغذية الرقمية ليس بالمعروف والمتداول على …