صلاح ابو هنود يكتب…حين وُلد من يحمل اسمي

صلاح ابو هنود – الأول نيوز – 

 

يا ولدي،

في اليوم الذي وُلدتَ فيه، لم يولد طفل فقط، بل وُلد في قلبي سؤال:

هل يمكن للزمن أن يعود في جسدٍ جديد؟

هل يمكن للاسم أن يستيقظ في فم طفل، بعدما نام طويلًا على الأوراق؟

حين سمعت باسمك لأول مرة، “صلاح الدين أبو هنود،

ارتجفت

لم تكن رعشة فخر فقط، بل كانت هزّة عمرٍ بأكمله يعود إليّ دفعةً واحدة.

كأنّني نظرت في مرآة، فرأيت طفولتي، وشبابي، وأحلامي التي لم تكتمل.

رأيت المعارك التي خضتها، والأصوات التي أسكتتني، والكلمات التي كتبتها بدمع العيون.

لم يكن اسمي سهلًا يا بني.

حملته في زمنٍ كان الاسم تهمة، وكان الصمت نجاة.

كتبت وأخرجت، وقلت “لا” في وجوهٍ لا تحبّ أن يُقال لها “لا“.

قاتلت، لا بسيف، بل بكلمة. لا بجند، بل بصورةٍ فيها الحقيقة عارية.

أكتب لك الآن، لا لأعظك، بل لأترك لك خيطًا من الضوء.

قد لا تسلك طريقي، وقد تختلف عني،

لكنّي أريدك أن تعرف، حين يسألونك: “من هو جدك؟،

أن يكون في قلبك جواب يشبه النور.

أريدك أن تعرف أنّ هذا الاسم، الذي تحمله،

ليس فقط اسم رجل،

بل هو ذاكرة… ورسالة.

يا صلاح

حين سمّوك “صلاح الدين”، لم يكونوا يسمّونك فقط باسم جدّك،

كانوا يعيدون إلى البيت طيفًا ظلّ يحوم طويلًا:

اسمٌ حمله فارس، حرّر القدس، وبقي قرونًا يمشي بيننا،

يذكّرنا بما كُنّا، وما يجب أن نكون.

صلاح الدين لم يكن فقط قائدًا،

كان فكرة

كان وعدًا مؤجَّلًا، بأن لنا مكانًا في التاريخ،

وبأن العدل ممكن، حتى في هذا الشرق المصلوب

لكن الأسماء يا ولدي، لا تُورّث وحدها.

تُورَّث معها الأحلام، والخيبات، والقصص التي لم تُحكَ.

وأنا

أنا أحمل هذا الاسم منذ ثمانية عقود،

وقد عشت به في زمنٍ تكسّرت فيه السيوف،

ولم يبقَ لنا إلا الكلمة سلاحًا.

أردتُ أن أكون صوتًا… فصرتُ مخرجًا.

أردتُ أن أكتب بصدق، فخسرت الراحة.

وفي كل عملٍ قدّمته، كنتُ أجرّب أن أكون صلاح الدين على طريقتي،

أن أقول الحقيقة، حتى لو لم يعجبهم ذلك،

أن أرى الطفل الشهيد، وأرسمه في مشهدي، قبل أن يطمروه تحت ركام النشرات.

كثيرًا ما حاولوا إسكاتي.

قالوا: “خفّف لهجتك”، “لا تُغضب الرقابة”، “كُن حياديًا“.

لكنّي كنت أقول لنفسي:

ما قيمة الحياد إن كان الظلم يصرخ؟

ما قيمة الصمت إن كان الدم يُراق؟

يا حفيدي،

حين تحمل هذا الاسم، فكر في هذا كلّه.

لا لتُثقل كاهلك، بل لتشعل فيك نارًا دافئة.

لا أطلب منك أن تصبح فارسًا ولا مخرجًا ولا كاتبًا،

أطلب فقط أن تكون إنسانًا لا يخون اسمه، ولا يتنازل عن ضميره.

يا بني،

ربما تكبر يومًا، وتبحث عن معنى اسمك

فتقرأ عن صلاح الدين الأيوبي، وتفخر،

ثم تقرأ عني، فتتساءل:

وماذا فعل جدي، حتى أُعطيتُ اسمه؟

لا أعرف إن كنتُ عظيمًا بما يكفي،

لكنّي أعلم أنني حاولت

حاولت أ

  • مخرج وكاتب

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

(لا يُخذل مستغيث ولا يُرد مستجير)

الأول نيوز – سمية الحاج عيد – على مدى قرنٍ من الزمان كانت الدولة الأردنية …