الأول نيوز – الدكتور المحامي احمد ناصر الطهاروة – الأول نيوز –
في تطور قضائي بارز، أصدرت المحكمة الدستورية في الأردن اليوم الخميس، 17 يوليو 2025، حكمًا يقضي بعدم دستورية قانون نقابة المعلمين الأردنيين رقم 14 لسنة 2011 وتعديلاته برمته، مع إبطاله بدءاً من تاريخ صدور هذا الحكم. يمثل هذا القرار نقطة تحول مفصلية في المشهد النقابي والتعليمي في الأردن، ويطرح تساؤلات حول مستقبل التمثيل المهني للمعلمين والآثار القانونية المترتبة على هذا الحكم.
سياق القرار وخلفياته
تتمتع المحكمة الدستورية في الأردن باستقلالية ذاتية، وتعتبر أحكامها نهائية ونافذة وملزمة لجميع السلطات والمؤسسات. جاء هذا القرار بعد فترة طويلة من الجدل والتوتر بين نقابة المعلمين والحكومة الأردنية، والتي تخللتها إضرابات وتوقفات عن العمل، ووصلت إلى حد حل مجلس النقابة في عام 2020 وتشكيل لجنة مؤقتة لإدارة شؤونها من قبل وزارة التربية والتعليم.
وقد أشار بعض المتابعين إلى أن النقابة اتخذت منحنى سياسيًا في فترات سابقة، وهو ما يتنافى مع طبيعة العلاقة التنظيمية التي تربط المعلمين بالدولة، حيث يُفترض أن يخضعوا لأنظمة وقوانين الخدمة المدنية.
الأثر القانوني لقرار عدم الدستورية:
وفقًا للمبادئ الدستورية، فإن الحكم بعدم دستورية نص قانوني يترتب عليه زوال حجية هذا النص وعدم جواز الاستناد إليه أو الاحتجاج به أمام القضاء. وهذا يعني أن قانون نقابة المعلمين أصبح لاغياً وباطلاً من تاريخ صدور الحكم، وهو ما يستدعي تنظيم العلاقة بين المعلمين والدولة من جديد.
من التبعات المباشرة لهذا القرار:
* إلغاء قانون النقابة: يعتبر القانون رقم 14 لسنة 2011 وتعديلاته كأن لم يكن، مما يلغي الإطار القانوني الذي قامت عليه النقابة.
* إعادة المبالغ المقتطعة: أعلنت وزارة التربية والتعليم عن إعادة المبالغ التي تم اقتطاعها من المعلمين لصالح النقابة، وذلك بناءً على قرار المحكمة.
* مصير تمثيل المعلمين: يثير القرار تساؤلات حول الكيفية التي سيتم بها تمثيل المعلمين مستقبلاً، وما إذا كانت الحكومة ستتجه نحو وضع أنظمة جديدة تنظم شؤونهم تحت مظلة وزارة التربية والتعليم أو نظام الخدمة المدنية.
* التأثير على الكيانات النقابية المشابهة: قد يفتح هذا القرار الباب لمراجعة أوضاع نقابات أخرى، خاصة تلك التي قد تعتبر تجاوزت صلاحياتها المهنية إلى جوانب سياسية.
تداعيات على المشهد التعليمي والنقابي:
يُعتبر هذا القرار بمثابة “ضربة” جديدة لنقابة المعلمين التي واجهت تحديات كبيرة في السنوات الأخيرة. وقد يرى البعض في هذا القرار خطوة نحو إعادة تنظيم القطاع التعليمي وضمان التزام الجميع بالأطر القانونية المحددة.
من المهم ملاحظة أن المحكمة الدستورية لم تتطرق إلى حق المعلمين في التنظيم النقابي بحد ذاته، بل إلى دستورية القانون الذي أنشئت بموجبه النقابة. وبالتالي، فإن البحث عن صيغ قانونية جديدة لتمثيل المعلمين بما يتوافق مع الدستور الأردني والمبادئ العامة للحريات النقابية سيصبح أولوية قصوى في المرحلة القادمة.
المستقبل
في ظل هذا الحكم القضائي الهام، تقع المسؤولية على عاتق الجهات المعنية لوضع أطر قانونية جديدة تضمن حقوق المعلمين وتطلعاتهم، وتضبط في الوقت نفسه عمل أي تجمعات مهنية ضمن الأهداف المنصوص عليها قانونياً ودستورياً. يبقى أن نرى كيف ستتطور هذه القضية وما هي الحلول التي ستطرح لتجاوز هذا الفراغ القانوني الذي نشأ عن إبطال قانون نقابة المعلمين.
