الاول نيوز – صلاح أبو هنود — مخرج وكاتب
في زمن الاستباحة، حين يُباع الموقف في مزادات السياسة، ويُشترى الصمت بأرخص الأثمان، يبقى في هذه الأمة كفٌّ جريح… لا يستطيع أن يصفع ليس خيانة ولا جبنًا، بل لأنه مشغول بوقف نزيفه المفتوح منذ قرن.
## سوريا وفلسطين… التاريخ الذي لا يموت
على امتداد تاريخ هذه الأمة، كانت الشام وفلسطين عنوانين لصراع الأمة مع مصيرها.
في الشام، كان صلاح الدين يقود جيشًا من بلاد الشام ليحرر القدس، قبل أن تعود الأيادي ذاتها وتُسلم القدس في الحرب العالمية الأولى بعد اتفاقية سايكس بيكو 1916، حين تمزقت الشام
في فلسطين، كان الكف مجروحًا مذ نكبة 1948 حين تم طرد أكثر من 700 ألف فلسطيني قسرًا من أرضهم، وظلت الأنظمة العربية تتاجر بفلسطين وهي عاجزة عن استرجاع شبر منها.
وفي الشام، عام 1920، داس الاستعمار الفرنسي كرامة السوريين في معركة ميسلون، وسقط يوسف العظمة وزير الحربية شهيدًا وهو يواجه جيشًا استعمارياً لم يكن له نِدّ، لكنه فضّل الموت على الخضوع.
وفي فلسطين، كانت الكف المجروح تصرخ في معركة الكرامة 1968، حين قاوم الفدائيون والجيش الأردني معًا الاحتلال الإسرائيلي ومنعوه من تكرار مشاهد النكسة، وأثبتوا أن الجرح لا يعني الاستسلام.
## حين تنحرف البوصلة
لم يكن الجرح وحده ما أضعف الكف، بل الانقسام والتآمر، حين تحول بعض الحكام إلى أدوات احتلال جديد. في سوريا، كان عام 2011 بداية نزفٍ آخر بعد أن تحول الحلم بالكرامة إلى كابوس دموي بيد أنظمة وقوى إقليمية ودولية.
وفي فلسطين، استُخدم اتفاق أوسلو 1993 كخنجر جديد يُزرع في ظهر القضية، فبدل أن يعود اللاجئون إلى ديارهم، أصبحت فلسطين قطعة موزاييك في لعبة تفاوض عقيمة.
## كف مجروح… لكنه لا ينكسر
التاريخ يعلمنا أن الكف الذي جُرح مرات، هو الكف الذي تعلم الصبر وقوة التحمّل.
▪️ بعد نكبة 1948… جاء جيل المقاومة 1965.
▪️ بعد نكسة 1967… جاء صمود الكرامة وغزة.
▪️ بعد مجازر صبرا وشاتيلا 1982… انفجرت الانتفاضة الأولى 1987.
▪️ بعد الغزو الأمريكي للعراق… ظلّت سوريا عصية رغم كل المحارق.
الصفعة الكبرى لا تخرج من يد ناعمة مرتاحة، بل من كفٍّ جُبل على النار، وعرف قسوة الأيام.
## خاتمة: صفعة الكف المجروح قادمة… ولا رحمة للخونة
من يقرأ تاريخ الشام وفلسطين يعرف أن الجراح لم تقتل هذه الأمة، لكنها علمتها الصبر، علمتها أن ترتب صفوفها بعد كل خيانة، وأن تنهض بعد كل نكبة..
الشعوب لا تموت… والكرامة لا تُدفن. وكل الذين باعوا أنفسهم في أسواق الدم، سيرون نهاية خزيتهم، لأن فلسطين والشام لا يغفران.
والكف المجروح بعد أن يبرأ… إذا صفَع، لا يترك أثرًا على الوجوه فقط… بل يُسقط ألرؤوس كاملة.