الأول نيوز – قالت منظمتان إسرائيليتان لحقوق الإنسان، إن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في غزة، لتصبحا أول أصوات رئيسة تخرج من داخل المجتمع الإسرائيلي وتوجه أقوى اتهام لإسرائيل التي تنفي ذلك بشدة.
وأصدرت منظمة بتسيلم الحقوقية ومنظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان في إسرائيل تقريريهما خلال مؤتمر صحفي في القدس، وقالتا إن إسرائيل تقوم “بعمل منسق ومتعمد للقضاء على المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة”.
وقال يولي نوفاك المدير التنفيذي لبتسيلم “التقرير الذي ننشره اليوم هو تقرير لم نتخيل أبدا أننا سنضطر إلى كتابته”، مضيفا “جرى تهجير سكان غزة وقصفهم وتجويعهم وتجريدهم تماما من إنسانيتهم وحقوقهم”.
وركزت منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان في إسرائيل على الأضرار التي لحقت بمنظومة الرعاية الصحية في غزة، قائلة “دمرت أفعال إسرائيل البنية التحتية للرعاية الصحية في غزة بطريقة محسوبة وممنهجة”.
ونفت إسرائيل الاتهامات الموجهة إليها بالإبادة الجماعية منذ الأيام الأولى للحرب، ومنها ما جاء في دعوى رفعتها جنوب إفريقيا في محكمة العدل الدولية في لاهاي وندد بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووصفها بأنها “مشينة”.
ووصف المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية ديفيد مينسر اتهامات المنظمتين يوم الاثنين بأنها “لا أساس لها من الصحة”.
وقال “لا توجد نية مبيتة، (وهي) أساس توجيه تهمة الإبادة الجماعية… ببساطة من غير المنطقي أن ترسل دولة 1.9 مليون طن من المساعدات، معظمها من المواد الغذائية، إذا كانت هناك نية للإبادة الجماعية”.
ورفض جيش الاحتلال الإسرائيلي أيضا ما خلص إليه التقريران ووصفه بأنه “لا أساس له من الصحة”. وقال إنه يلتزم بالقانون الدولي ويتخذ إجراءات غير مسبوقة لمنع إلحاق الأذى بالمدنيين في ظل استخدام حماس لهم “دروعا بشرية”.
ومنذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، بدأت قوات الاحتلال الإسرائيلي عدوانا على قطاع غزة، أسفر عن استشهاد 59,921 فلسطينيا، أغلبيتهم من الأطفال والنساء، وإصابة 145,233 آخرين، في حصيلة غير نهائية، حيث لا يزال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات، ولا تستطيع طواقم الإسعاف والإنقاذ الوصول إليهم.
ولاتهامات الإبادة الجماعية وقع ثقيل في إسرائيل بعد المحرقة النازية. وقال مسؤولون إسرائيليون في الماضي إن استخدام هذه الكلمة ضد إسرائيل هو تشهير ومعاداة للسامية.
وعندما قالت منظمة العفو الدولية في كانون الأول إن إسرائيل ارتكبت أعمال إبادة جماعية، وصفتها وزارة الخارجية الإسرائيلية بأنها “منظمة سيئة ومتعصبة”.
وتعريف الإبادة الجماعية في اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948، التي أقرها العالم بعدما قتل النازيون اليهود بشكل جماعي، هو “الأفعال المرتكبة بقصد القضاء الكلي أو الجزئي على جماعة قومية أو عرقية أو دينية”.
* اهتمام متزايد بمحنة الفلسطينيين
في مقهى بالقدس المحتلة، قالت كارميلا، وهي معلمة تبلغ من العمر 48 عاما، إنها تشعر بالأسى إزاء المعاناة التي تتكشف على بعد ساعة بالسيارة، داخل غزة.
وأوضحت “أشعر، كإسرائيلية ويهودية، بصعوبة في مشاهدة تلك الصور والشعور بأي شيء سوى التعاطف والرعب الشديدين، لأكون صريحة. أشعر بالرعب”.
وازداد الاهتمام الدولي بمحنة الفلسطينيين في غزة في الأسابيع القليلة الماضية، إذ أفادت وكالات الأمم المتحدة بأن القطاع يعاني من نقص حاد في الغذاء اللازم للسكان البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة.
وتزعم سلطات الاحتلال الإسرائيلية، التي تسيطر على جميع الإمدادات من وإلى غزة، أنها تسمح بدخول ما يكفي من الغذاء، وتلقي باللوم على الأمم المتحدة لتقصيرها في توزيعه.
ومنعت إسرائيل جميع الإمدادات عن غزة منذ بداية آذار، ثم سمحت في أيار بعودة دخول المساعدات لكن وفق قيود جديدة. وتزعم إسرائيل أنها تلتزم بالقانون الدولي لكن يتعين عليها منع المسلحين من تحويل مسار المساعدات. ومنذ ذلك الحين، قتلت القوات الإسرائيلية مئات السكان في غزة خلال محاولتهم الوصول إلى مواقع توزيع الغذاء، وذلك وفقا للأمم المتحدة.
وطوال فترة الحرب، اتجهت وسائل الإعلام الإسرائيلية للتركيز بشكل رئيسي على محنة الرهائن الإسرائيليين في غزة. ونادرا ما يعرض على التلفزيون الإسرائيلي لقطات الدمار والخسائر البشرية التي تبث على نطاق واسع في دول أخرى عن غزة.
وقال أورين بيرسيكو من منظمة العين السابعة إن ذلك الوضع تغير، إذ ازداد تأثير الصور الأحدث للأطفال الجائعين. والعين السابعة هي منظمة ترصد اتجاهات الإعلام الإسرائيلي.
وأوضح “الوضع يتطور ببطء شديد. نرى تصدعات”.
لكنه لم يتوقع أن تحدث اتهامات الإبادة الجماعية تحولا كبيرا في المواقف “التصور الإسرائيلي هو: ماذا تريدون منا؟ إنه خطأ حماس، لو أنها ألقت سلاحها وأطلقت سراح الرهائن، لكان كل هذا انتهى”.
وفي مقال افتتاحي بصحيفة جيروزالم بوست الأحد، قال داني ديان، رئيس نصب ياد فاشيم التذكاري للهولوكوست في إسرائيل، إن اتهام إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية غير دقيق.
وذكر “لكن هذا لا يعني أننا لا يجب أن نعترف بمعاناة المدنيين في غزة. هناك العديد من الرجال والنساء والأطفال الذين لا صلة لهم بالإرهاب، يعانون من الدمار والتشرد والفقد.. إن معاناتهم حقيقية، وتقاليدنا الأخلاقية تلزمنا بعدم الابتعاد عنها”.