قراءة معمقة في قانون الكهرباء الجديد

الأول نيوز – الدكتور المحامي احمد الطهاروة

صدر قانون الكهرباء العام لسنة 2025 ونُشر في الجريدة الرسمية، ليحلّ محلّ التشريع المؤقت الصادر سنة 2002 وأصبح ساري المفعول.

لأول مرة، يسمح القانون لأي جهة مرخّصة (توليدًا أو توزيعًا أو نقلًا) بإنشاء أنظمة مستقلة للطاقة خارج الشبكة الوطنية وتغذيتها لمواقع محددة. كما يتيح للأفراد والمؤسسات بيع فائض الكهرباء الناتج عن الإنتاج الذاتي إلى الشبكة الوطنية، وهو ما يمكّن أصحاب الأنظمة، خاصة الشمسية منها، من تحقيق دخل إضافي.

وشجّع القانون كذلك الاستثمار بشكل أوسع في مشاريع التخزين (مثل البطاريات) والطاقة المتجددة، بما فيها الهيدروجين الأخضر، عبر نموذج الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP). ويتضمّن النظام إمكانية إنشاء محطات مستقلة للتخزين والتوزيع من دون الاعتماد على الشبكة الوطنية.

كما فرض القانون عقوبات بالحبس (من سنة إلى ثلاث سنوات) وبغرامات مالية تتراوح بين (5,000 – 10,000) دنانير على من يتورط في توصيلات غير قانونية أو سرقة كهرباء. وأغلق الباب على التخزين خارج النطاق المرخّص؛ إذ يعاقب من يخزن الطاقة دون ترخيص بغرامات تتراوح بين (100,000 – 200,000) دينار، أو بالحبس للمدة ذاتها.

وتضمّن القانون أيضًا تنظيم إجراءات مثل براءة الذمة من الكهرباء عند نقل الملكية.

وعليه، يمكن القول إن القانون يشكّل خطوة نوعية نحو تحديث قطاع الكهرباء، وتحقيق الاستدامة، وخفض الاعتماد على واردات الطاقة المكلفة. كما يُعزّز المنافسة ويشجّع الابتكار من خلال السماح بالاستثمار المحلي والأجنبي في الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، ويتيح للمواطنين والمؤسسات فرصة تحقيق دخل إضافي من خلال بيع الكهرباء الفائضة.

غير أنّ القانون، من ناحية أخرى، يمهّد لإعادة هيكلة الدعم الكهربائي، وهو ما قد يؤدي إلى زيادة الأعباء على المواطن تحت شعارات الاستثمار. كما أن بنودًا مثل التخفيض التدريجي للدعم البيني بين فئات المستهلكين وضمان عوائد لكلفة شركات التوزيع قد تعني تحميل المستهلك أعباء إضافية لصالح ربحية الشركات. وتطال العقوبات المشدّدة على التخزين غير المرخّص الأفراد الذين يسعون إلى تقليل فواتيرهم عبر أنظمة صغيرة أو تخزين ذاتي، مما يقوّض جانبًا من حرية الاستفادة من القانون.

إضافة إلى ذلك، فإن اشتراط براءة الذمة عند نقل الملكية قد يضيف تعقيدًا إضافيًا للمعاملات العقارية لا يصبّ بالضرورة في مصلحة المواطن. لذا، يجب أن تترافق هذه التحوّلات مع حماية اجتماعية حقيقية، لضمان ألا تتحمل الفئات الأقل دخلًا أعباء جديدة. كما ينبغي مراجعة بنود العقوبات والغرامات والتراخيص لضمان عدم تقييد الاستفادة من القانون، والعمل على تعزيز رقابة شفافة ومساءلة للجهات المنفذة، بما يضمن أن تتحقق العوائد فعليًا لصالح المواطن لا لصالح الشركات وحدها.

عن Alaa

شاهد أيضاً

من جديد وحدة التيار الديمقراطي على الطاولة: ما الجديد؟!

الاول نيوز – جميل النمري قبل ايام انعقد “ملتقى الحوار حول وحدة التيار الديمقراطي” بحضور …