مقالات مشابهة
الدكتور أيمن تيسير – الأول نيوز –
في زمنٍ طغت فيه الأرقام المزوّرة على الشاشات والمنصّات، يأتي الفنان فضل شاكر ليؤكّد بالبرهان أن الفن الحقيقي لا يحتاج إلى شراء مشاهدات ولا إلى تسويق زائف. خمس أغنيات فقط كانت كافية لتعيد ترتيب الذائقة الموسيقية، وتكشف الفارق بين صوت أصيل يحمل قيمة فنية وجمالية راسخة، وبين ضجيجٍ مؤقتٍ يتكئ على المال لا على الإبداع.
القيمة التي يقدّمها فضل شاكر تتجلّى في بساطة الألحان، نقاء الكلمة، وقربها من الأذن العربية الذوّاقة التي لم تُخطئ يومًا في التمييز بين الصدق والزيف. فالموسيقى الحقيقية، عندما تكون صادقة في إحساس ملحّنها ومطربها، ستصل إلى القلوب حتى لو كان التوزيع الموسيقي متواضعًا، من دون بهرجة الأوركسترا والتقنيات المبالغ فيها.
لقد أثبتت أغاني فضل شاكر أن المقام والإيقاع العربي الأصيل كفيلان بإنجاح الأغنية، وأن الجمهور العربي لا يزال محبًا ومتمسكًا بأصالته. كما أثبتت أن الفنان الحقيقي هو من يفرض على الجمهور، مُسقطًا المقولة الشهيرة: “الجمهور عايز كده”.
أما أولئك الذين يتباهون بملايين المشاهدات المصطنعة، فقد أسقطتهم المقارنة: الأرقام التي يشترونها لا تعكس جمهورًا حقيقيًا ولا تترك أثرًا فنيًا. فما فائدة أن تحصد عشرات الملايين على عمل يذوب سريعًا، بينما تستطيع خمس أغنيات أصيلة أن تعيد للأذن العربية احترامها لذاتها؟
فضل شاكر أثبت أن الفن ليس في الكمّ، بل في النوع؛ وأن العودة إلى الطرب الصادق قادرة على أن تُطهّر الساحة من ضجيج الاستهلاك السريع. وهذا بحد ذاته رسالة مهمة للفنانين والجمهور معًا: الفن الحقيقي يفرض نفسه، والأرقام الحقيقية لا تُشترى..
