الأول نيوز – صلاح ابو هنود مخرج وكاتب
منذ أكثر من خمسة عشر قرنًا، وُضعت البشرية أمام تحديين لم يعرف التاريخ مثيلاً لهما: تحدي النص وتحدي الواقع. تحديان صدرا عن رجل أُمّي في ظاهر الأمر، عاش في بيئة فقيرة للعلم والمعرفة، لكنه غيّر وجه الأرض بكلمة.
أولاً: تحدي النص القرآني
قال الله تعالى:
فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ﴾ [البقرة:23]
هذا ليس ادعاءً عابرًا، بل إعلان مواجهة مفتوحة: إن استطعتم أن تخلقوا نصًا يقف في مستوى القرآن، فافعلوا.
التحدي ليس مجرد ألفاظ منمقة، بل هو نظام متكامل يجمع بين الإعجاز اللغوي، والعمق الفكري، والدقة التشريعية، والصدق التاريخي، والنفاذ الروحي.
1500 سنة مضت، وكم من العباقرة والشعراء والفلاسفة والخصوم حاولوا! ومع ذلك لم يخرج إلى الدنيا نص واحد يمكن أن يُوضع في ميزان القرآن دون أن يسقط سقوطًا مذلًا.
إن استمرار التحدي عبر العصور بغير مجيب هو في ذاته برهان عقلي قاطع: لو كان ممكنًا، لكان قد حدث، ولو مرّة واحدة.
ثانيًا: تحدي ختم النبوة
قال محمد ﷺ:
«لا نبي بعدي».
هنا التحدي مختلف: ليس نصًا يُكتب، بل حدث تاريخي يجب أن يقع أو لا يقع.
منذ تلك اللحظة وإلى اليوم، لم يظهر نبي حقيقي يُقرّ له البشر جميعًا كما أُقرّ للأنبياء من قبل.
الذين ادّعوا النبوة بعده، من مسيلمة إلى مدّعي القرون المتأخرة، كانوا فقاعات تاريخية، انتهوا وبقي قول محمد ثابتًا كالصخرة.
خمسمائة عام، ألف عام، خمسة عشر قرنًا… الزمن لم يُسقط الكلمة، بل زادها رسوخًا. وهنا يتجلى معنى المعجزة الزمنية: أن التاريخ كله صار شاهدًا لصالح رجل قال كلمة، ولم يستطع العالم نقضها.
الجمع بين التحديين
الإعجاز القرآني هو تحدي المعرفة والبيان.
وختم النبوة هو تحدي الزمن والتاريخ.