محمد قاسم عابورة – الأول نيوز –
بعد انتهاء أعمال القمة الطارئة في الدوحة ، يحق لنا ان نسأل : ما هي الخطوة التالية ؟ لقد اختتمت القمة أعمالها ببيان ختامي تقليدي، لم يرتقِ إلى مستوى التحدي الذي فرضته الاستباحة الصهيونية المتصاعدة للأراضي العربية ، لقد جاءت مخرجات القمة لتؤكد على معضلة العجز المزمن في بنية النظام العربي الرسمي ، والذي أنهكته الانقسامات الداخلية وتفكك في المواقف ، فضلاً عن تبعية بعض مكوناته للقوى الدولية التي تقدم دعماً وحماية للكيان الصهيوني .
على مدار ثمانية عقود، تتزايد التحديات الناجمة عن السياسات العدوانية للكيان الصهيوني ، والتي تستهدف الأمن القومي العربي برمته ، و لم يتجاوز رد الفعل الرسمي العربي نطاق إصدار بيانات الشجب والإستنكار والتنديد ، حتى في ذروة المواجهات والعدوان الصريح ، فإن القمم العربية تكون الإدانة بأشد العبارات هو الحد الأقصى الذي لم تستطع الأنظمة العربية الرسمية تجاوزه في مواجهة العدوان المستمر.
لقد تراكمت عبر السنوات مجلدات ضخمة من الخطب والبيانات المشتركة التي تلهب وتذكي مشاعر الغضب ، لكنها تفتقر إلى الإرادة والإستراتيجية الكفيلة بتحويل هذا الخطاب إلى قوة ضاغطة أو إنجاز ملموس، لقد غدا تفريغ الغضب بديلاً عن الإنجاز، والتنفيس بديلاً عن التغيير ، وهذ عمق أزمة المصداقية وولّد شعوراً عاماً بالإحباط واليأس لدى المواطن العربي الذي لم يعد يرى في هذه الخطابات سوى مرآة عاكسة لأزمة النظام العربي وعجزه .
وفي هذا السياق لم يعد مقبولا الإكتفاء بخطاب الإدانة والتنديد سواء بالطف العبارات أو أشدها ، إن تجاوز هذا العجز التاريخي يتطلب مراجعة جذرية لأسس النظام العربي الرسمي وآليات عمله ، والانتقال إلى استراتيجيات عمل تعيد للعمل العربي المشترك هيبته وفعاليته ، فمستقبل المنطقة يتوقف على قدرة الأنظمة العربية على تجاوز خلافاتها ووضع حد للعدوان الصهيوني المستمر والذي يهدد الجميع دون استثناء .
والقوة في هذا العالم لا تُمنح ، بل تُنتزع عبر إستراتيجية واضحة ، وإرادة سياسية موحدة ، ودبلوماسية مهنية لا تعترف بالهزيمة ، وهذا يتطلب بناء تحالفات حقيقية ، واستخدام أدوات الضغط الاقتصادي والسياسي بشكل ذكي وفعّال ، والكلمة تكون قوية فقط عندما تدعمها إرادة التغيير ، ومشاريع السيادة والفعل المستقل ، والسؤال الذي يظل مطروحاً بعد كل قمة : هل تمتلك النخب العربية الإرادة الكافية لكسر هذه الحلقة المفرغة ؟
وللإجابة أختتم باقتباس فقرة من خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني في قمة الدوحة والذي كان مختصرا ومركزا ، ومؤكدا على ضرورة معاقبة الكيان الصهيوني وعدم افلاته من العقاب ، وان ينتقل العالم العربي والإسلامي الى قرارات عملية وعدم الإكتفاء ببيانات الشجب والإدانة حيث قال :
(( …… وعلينا نحن في العالم العربي والإسلامي، أن نراجع كل أدوات عملنا المشترك، لنواجه خطر هذه الحكومة الإسرائيلية المتطرفة.
ولا بد أن تخرج قمتنا اليوم بقرارات عملية لمواجهة هذا الخطر، لوقف الحرب على غزة، لمنع تهجير الشعب الفلسطيني، لحماية القدس ومقدساتها، ولحماية أمننا المشترك، ومصالحنا ومستقبلنا. وردّنا يجب أن يكون واضحا، حاسما، ورادعا )) …