الأول نيوز – مع اقتراب فصل الشتاء، يعود هاجس الكلاب الضالة إلى الواجهة في الأردن، خاصة مع خروج الطلبة إلى مدارسهم قبل شروق الشمس، ليجدوا أنفسهم وجهاً لوجه مع كلاب تنتشر في الشوارع وتثير مخاوف الأهالي.
ومع تزايد حالات العقر في عدد من المناطق، يتساءل كثيرون: من يتحمل المسؤولية القانونية؟ وهل يحق للمتضررين المطالبة بتعويض؟
تعويضات ومسؤوليات
القوانين الأردنية تُحمل البلديات مسؤولية مباشرة عن التعامل مع الكلاب الضالة، فبحسب قانون الإدارة المحلية، تقع على عاتقها مهام الرقابة، والوقاية من أخطار الحيوانات الشاردة، وتوفير أماكن لإيوائها.
ويشير خبراء قانونيون إلى أن من يتعرض لعضة كلب ضال يملك الحق بالمطالبة بالتعويض من البلدية المختصة، بينما تُحال القضايا المرتبطة بكلاب مملوكة لأشخاص إلى المحاكم التي تلزم صاحبها بالتعويض.
مسؤولية مدنية وجزائية
اللواء المتقاعد وعضو مجلس الأعيان، الدكتور عمار القضاة، يوضح في حديث لـ”مدار الساعة” أن المسؤولية في هذه الحالات تنقسم إلى قسمين:
• مدنية: ينظمها القانون المدني تحت باب “الفعل الضار”، حيث نصت المادة (289) على أن “جناية العجماء جبار، ولكن فعلها الضار مضمون على ذي اليد عليها مالكاً كان أو غير مالك إذا قصر أو تعدى”، وبذلك يتحمل المالك أو متولي الحراسة المسؤولية إذا ثبت تقصيره.
• جزائية: يحددها قانون العقوبات، وتترتب على متولي الحراسة إذا تسبب الحيوان بإصابة أو وفاة، وقد تصل العقوبة إلى الحبس، إلى جانب التعويض المادي والمعنوي.
ويؤكد القضاة أن عبء إثبات التقصير يقع على المضرور، بخلاف بعض التشريعات الأخرى مثل القانون المصري الذي يفترض الخطأ على المالك.
جدل قتل الكلاب الضالة
لكن ماذا عن الكلاب الضالة التي لا يملكها أحد؟ يرى القضاة أن غياب متولي الحراسة يجعل المسألة بحاجة إلى تدخل تشريعي واضح، ويطرح خيارات عدة:
• قتل الكلاب العقورة أو المصابة بداء الكَلَب.
• حجزها في أماكن بعيدة عن السكان وتقديم الرعاية اللازمة لها.
• تهجينها مع كلاب أليفة لتقليل خطورتها.
ويقول: “أميل شخصياً إلى قتل الكلب العقور أو المصاب بداء الكلب نظراً لخطورته”، معتبراً أن التوفيق بين الرأيين قد يكون عملياً: قتل الخطِرة منها، ورعاية البقية في مرافق خاصة بدعم مجتمعي أو عبر متبرعين.
أنظمة وتشريعات قديمة
القوانين المتعلقة بمكافحة داء الكلب ليست جديدة، إذ صدر “نظام داء الكلب” عام 1933، إلى جانب تعليمات لاحقة عام 2018، ونصت بوضوح على إتلاف الحيوان المصاب، وإلزام البلديات بتجهيز مرافق للحجز والعزل، والسماح للمتصرفين أو رؤساء البلديات بإصدار أوامر بتسميم أو إتلاف الكلاب الضالة.
غير أن القضاة يرى أن الإشكالية تكمن في ضعف تطبيق هذه التشريعات، رغم وضوح نصوصها.
هل يُعاقب من يقتل كلباً ضالاً؟
انتشرت في الآونة الأخيرة معلومات عن سجن من يقتل كلباً ضالاً لمدة عامين، لكن القضاة ينفي ذلك.
ويشير إلى أن المادة (452) من قانون العقوبات تتعلق فقط بالحيوانات المملوكة أو الأليفة التي تخص الغير، ولا تشمل الكلاب الضالة.
ويضيف أن القضاء الأردني أصدر أكثر من ألف حكم استناداً إلى هذه المادة، معظمها في قضايا نفوق حيوانات أليفة أو مملوكة، بينما استثنت الكلاب الشاردة من نطاقها.
كما أشار إلى حكم قضائي صدر عام 2019 عن محكمة بداية مأدبا بصفتها الاستئنافية، اعتبر أن قتل كلب مسعور هاجم أغناماً وأشخاصاً فعلاً مبرراً ومشروعاً.
البلديات في قفص الاتهام
وفقاً لقانون الإدارة المحلية رقم (22) لسنة 2021، فإن البلديات ملزمة بمراقبة الكلاب الضالة وإيوائها، ما يجعلها مسؤولة عن أي أضرار تقع جراء تقصيرها.
بين الرفق بالحيوان وحماية المجتمع
يخلص القضاة إلى أن التحدي الأكبر يكمن في تحقيق التوازن بين حماية المواطنين والاعتبارات الإنسانية، ويقول: “حماية الأرواح مقدمة على مبدأ عدم قتل الكلاب الضالة المريضة”، لافتاً إلى أن الرفق بالحيوان لا ينبغي أن يتعارض مع سلامة المجتمع.