ملحمة غزة… الإلياذة الجديدة

صلاح ابو هنود – مخرج وكاتب –

 

الأول نيوز- الإلياذة هي ملحمة الشعر الإغريقي التي خلدت بطولات البشر في وجه الحرب،
أما غزة، فهي ملحمة هذا العصر، كتبها أهلها بدمائهم وأرواحهم لا بالكلمات.

ليست غزة مدينةً بعد اليوم، بل أسطورة تُروى على لسان الوجع والبطولة.
كأنها الإلياذة، لكن أبطالها ليسوا ملوكًا ولا فرسانًا في دروع من نحاس،
بل وجوه صغيرة تتوضأ بالدم وتصلي للعمر كي لا يبقى في هذا الخراب القاسي.

كل بيت في غزة مسرح البطولة والوجع،
وكل أم فيها بطلة تقف على رماد بيتها،
تحرس أسماء أبنائها كما تحرس الأمم ذاكرتها.

في الإلياذة القديمة كان هوميروس يروي مآسي الحرب،
أما هنا، فالشعراء يصمتون، لأن الكلمات لا تقدر على مجاراة الدماء.
السماء صامتة، والأرض تنزف،
والعالم المتحضر يشاهد المشهد كأنه فيلم طويل لا يريد أن ينتهي.

في غزة، لم تعد اللغة قادرة على النواح،
ولا الشعر كافيًا لدفن الأسماء الكثيرة التي تصعد كل يوم إلى الغياب.
هناك تُقاس البطولة بقدرة الأحياء على الاستيقاظ بعد مجزرة جديدة،
وتُقاس الإنسانية بمدى الخجل من هذا الصمت الدولي المريع.

ومع ذلك، تنهض غزة كل صباح كأنها لا تعرف الهزيمة،
تغسل وجهها بالدم، وتزرع في الركام شجرة زيتون،
ثم تمضي… تُعيد للبطولة معناها،
وتعيد لنا، نحن المنهزمين أمام الشاشات، شيئًا من ضميرنا.

طوبى للأحرار والشرفاء والأبطال،
طوبى لغزة التي ستقدم شهادتها على الدنيا وأخواتها.

الخاتمة

وفي هذه الليلة، ستنام غزة… دون أن يوقظها القصف والطائرات الحربية والمسيرات.
ستنام لتنهض غدًا من جديد، لتستمر في إعادة البطولة معناها، وإعادة الضمير للعالم الغائب.

عن Alaa

شاهد أيضاً

محكمة أمن الدولة… درع العدالة الذي يحمي الوطن

د. أحمد الطهاروه – الأول نيوز – في مشهدٍ يؤكد أن الأردن دولة قانون ومؤسسات، …