من أين نبدأ النهوض بمجتمعاتنا العربية؟

القس سامر عازر – الأول نيوز –

 

ينعقد في هذه الأثناء مؤتمر العرب المسيحيين الأول: الجذور والأدوار والمسار النهضوي. وأعتقد أنه وجب علينا أن نبدأ من حيث انتهى د. ذوقان عبيدات مقالته المنشورة في الأول نيوز، الجمعة ٢٠٢٥/١٠/٢٤ بعنوان. “مؤتمر المسيحيين العرب:نهضة ام انتفاضة” والتي جاء فيها ضرورة  تصحيح التشويه الذي تعرض له تاريخنا، فتاريخنا العربي كمسلمين ومسيحيين ليس أحادي الجانب، بل ساهم في رسمه أيضا العرب المسيحيون الموحدون بالله ما قبل الإسلام وما بعده وحتى يومنا الحالي.

وهذا ما أكد عليه مقال د. محمد قاسم عابوره بعنوان:” المسيحيون العرب مكون أصيل في تاريخ الأمة ومستقبلها” المنشور أيضا في الأول نيوز وبنفس التاريخ، حيث أن الحضارة العربية “ولدت من رحم التعددية”، ولذلك فالنهوض بقوة يستدعي إعادة كتابة التاريخ بصورته الأشمل والأدق، وذلك لا ينتقص من أحد، لأننا جميعنا عرب وإن اختلفت أدياننا واحتوت على مفاهيم وطرائق متتَعددة لعبادة الله واجلاله والسير في رضاه عملا بوصية المحبة والرحمة التي تتكامل في جوهرها في خدمة الإنسان والإنسانية، وتسمو بعالمنا نحو قيم السماء والقيم الأخلاقية والمبادئ الإنسانية التي أحوج مايحتاج إليها عالمنا اليوم في ظل التقدم العلمي والتكنولوجيا والرقمي والذكاء الاصطناعي، وفي نفس الوقت نلمس الابتعاد عن المثل السامية والإنسانية وحتى القيم الأخلاقية وحتى حقوق الإنسان.

وفي حضارتنا العربية الكثير الكثير للمساهمة به عالميا من حيث مفهوم وقدسية الزواج وأهمية العائلة وبنائها الروحي السليم وحب الجار وكرم الضيافة والإنفتاح والحياة المجتمعية المبنية على الروح الجمعية لا على الروح الفردية.

ربما أحد أسباب تراجعنا هو عدم صدقنا مع أنفسنا ومع تاريخنا، وليس المقصود العودة للوراء، بل في ظل تنامي سياسة فرق تسد وسياسة تغريب العربي المسيحي عن أوطانه العربية التي ولد فيها والتي ارتبط فيها بجذوه حتى نخاع العظم، وكذلك من أجل التصدي لأي فكر تطرفي أو إقصائي هناك ضرورة ملحة لإبراز هذا الدور التاريخي وهذا الحضور عبر الزمن الماضي وحتى يومنا هذا لبناء مجتمعات قائمة على المساواة والعدالة والشراكة الحقيقية، وبعيداً عن مفاهيم الأكثرية أو الأقلية، أو المفاضلة الإقصائية أو الانتقاصية، فالحضارة العربية لم تكن كذلك بدون المشاركة والحضور القوي والفاعل والريادي للعرب المسيحيين الأقحاح.

ومن هنا، فهذه دعوة جادة لإعادة كتابة مفاصل التاريخ العربي بموضوعية لإعطاء زخم حقيقي وجوهري للتغلب على كل النزعات الضيقة والأفكار الإقصائية والتي وصلت في بعض البلدان العربية إلى تكفيرهم واستباحة دمائهم.

ربما هي فرصة تاريخية اليوم أن ينهض مفكروا الأمة ومثقفيها بأخذ دورهم الريادي الذي يعزز مفهوم الأمة ومكوناتها وتعدديتها التي تشكل مصدر إثراء وغنى، لا مصدر اقتتال وصراع.

ويجب أن نعتز بقولنا، أنا عربي، وهويتي العربية، والتي  يجب أن تجد عمقها وصداها في حضارة جامعة تعيد الألق لأمتنا التي تستحق أن تأخذ دورها بين شعوب وحضارات العالم.

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

ملفات الأمانة المغلقة

الأول نيوز –  قمر النابلسي في هذه المرحلة الحساسة التي يمر بها الوطن ومع كل …