أسامة الرنتيسي –
الأول نيوز – بإبداع لافت لخص رئيس مؤتمر العرب المسيحيين الأول الجذور والأدوار والمسار النهضوي الأستاذ الدكتور هُمام غصيب بقوله “ثلاثية الروح الأم ، واللغةُ الأم، والامة”.
راق لي بوست على الفيس بوك كتبه بإبداع وذكاء حاد وبُعد نظر الصديق المهندس كمال مضاعين قال فيه:
أقتبس “أخطر ما يواجه الأردنيين المسيحيين هو الإحساس (بالأقلية) أي إحساسهم أنهم أقلية دينية قبل أن يكونوا عربا وأردنيين، هذا فايروس قاتل وللأسف، بعض الكنائس تسهم بنشره، ستكون أقلية فقط حين تحس أنك أقلية .. وتتقبل التمييز ضدك وتلعب دور الضحية. العرب المسيحيون هم الأصل وهم عرب أولا ورواد تنوير” انتهى الاقتباس.
لنعترف أنه في ظل ازدياد المخاوف التي يولدها التطرف المنتشر في بلادنا العربية، وفي ظل توسع النزاعات التي في جذرها غير المخفي نزاعات طائفية، يتم فيها القتل على الهُوية والاسم، ولهذا ازدحمت في العشر سنوات الأخيرة كنائس الأردن من المهجرين المسيحيين من العراق وسورية، بعضهم يضع الأردن محطته الأولى للهجرة إلى خارج العالم العربي، وبعضهم الآخر لا يملك مقومات تأمين الهجرة، فينتظر إلى حين يستتب الأمن في بلاده للعودة إلى وطنه وبيته وأهله.
قبل سنوات، كشف رئيس المعهد المَلِكي للدراسات الدينية السابق المرحوم د. كامل أبو جابر عن أرقام مرعبة حول انخفاض أعداد المسيحيين في الأردن بنحو 3%، والأكثر رعبا كانت دراسة كشفت عنها دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية في تقرير عنوانه “عزل وظلم: عيد الفصح تحت الاحتلال” عن تسارع وتيرة هجرة المسيحيين من الأرض المقدسة منذ عقدين وأن هجرة المسيحيين متواصلة بتسارع.
ونتج عن ذلك انخفاض حاد في عدد المسيحيين في القدس وبقية الأرض الفلسطينية المحتلة، ما أدى إلى التراجع التدريجي للوجود المسيحي والطبيعة المسيحية للمدينة المقدسة.
أرقام أبي جابر، أرجعت أسباب تراجع عدد المسيحيين في الأردن إلى عوامل عدة، منها ما ارتبط بالظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والخصائص الثقافية والمهنية، إضافة إلى الهجرة وجاذبية الدول التي هاجروا إليها .
أما تقرير منظمة التحرير فقد أفاد أن الأسباب التي تدفع المسيحيين إلى الهجرة هي نقص الحرية والأمن والتدهور الاقتصادي وعدم الاستقرار السياسي والتعليم خارج البلاد ولمّ شمل العائلات والجدار الإسرائيلي والحواجز العسكرية والتطرف الديني.
مهما تكن الأسباب، فإن تفريغ الأرض العربية من أحد عناصر مكوناتها الأساسية جريمة مكتملة العناصر، وتفريغ القدس تحديدا من أحد جدران حماتها الحقيقيين، هي سياسة صهيونية تعرف جيدا حقيقة المسيحيين العرب.
وحتى لا نفعل مثل النعامة وندفن رؤوسنا في الرمال، لنتحدث بصراحة، إن حجم القلق لدى المسيحيين العرب، ليس في الأردن وفلسطين وسورية تحديدا، بل في معظم الدول العربية، في ازدياد منقطع النظير، وتضاعف أكثر بعد مخرجات الربيع العربي، وسيطرة الخطاب الديني على الخطاب المدني، وأصبحت المجتمعات مختطفة للطروحات الدينية والمذهبية والصراعات الطائفية، وبعد ظهور عصابة داعش وممارساتها الإجرامية في العراق وسورية وليبيا ارتفع منسوب القلق أكثر وأكثر.
أقولها بصوت عالٍ إن بقاء المسيحيين العرب هو جزء أساسي من مكونات الأمة ومصلحة وطنية للأقطار العربية والأمة بشكل عام وفلسطين بشكل خاص.
الدايم الله…..