أسامة الرنتيسي –
الأول نيوز – 13 عاما على غياب شاعر الأردن العذب حبيب الزيودي ولا يزال حضوره طاغيا في كلمات الأغاني التي نسمعها دوما، وفي قصائده التي كانت تشبهنا ونشبهها.
بسيطا سمحا متصالحا مع نفسه والآخرين.
نحيل القامة، لكن قامته الداخلية أعلى من جبال الشراه.
لين المعشر، لكنه متوقد مثل حجر الصوان.
أيها الرقيق مثل سنبلة، والحميم مثل زيتون العالوك، عليك السلام، وعلى روحك أجمل وصايا الصبايا والشعراء.
في بداية التسعينيات، عندما غادرنا حقبة الأحكام العرفية، انفلج ليل الأحزاب، من السرِّية إلى العلنية، كانت الجامعات في الثمانينيات، بيت العمل الحزبي، ومنها يتفتح نهار الكوادر، وكان كل قروي مثقف
يصل الجامعات، علامة صراع بين الأحزاب لضمه إليها.
بعد إلغاء الأحكام العرفية، تشكل المكتب التنفيذي لرابطة الشباب الديمقراطي الأردني (رشاد)، التابع لحزب الشعب الديمقراطي الأردني (حشد) ، وإذا بنخبة من شباب الحزب أعضاء في المكتب التنفيذي، الدكتور محمد نعمان ورمضان الرواشدة والفنان صلاح الحوراني وباسمة وراد وباسم عبيد والزميل المصور محمد ابو غوش والشاعر المبدع حبيب الزيودي والعبد الفقير، وكان يترأس المكتب نهاد ابو غوش، ويشرف عليه بتكليف من الحزب النائب السابق الوزيرالسابق المستقيل من العمل الحزبي الأسبوع الماضي بسام حدادين الذي استنتج بعد خمسين عاما أنه “مفيش فايدة”.
كان حبيب فاكهة الاجتماعات، حيث يحول الكلام الجاف إلى أمسيات شعرية، وكان مثلي أقل الملتزمين بالحضور.
كتب أشعارا وطنية تناسب المرحلة، وكتب قصيدة لا يمكنني يوما أن أنسى كلماتها، شعرت بأنها مهداة إلى ابنتي البكر وسن، من دون أن يقول حبيب ذلك، عنوانها يا حادي العيس، تقول كلماتها:
يا حادي العيس، أفنيت الفتى شجنا
أيقظت في قلبه الموجوع ما سكنا
ما مرّت الريح من صحراءَ قاحلةٍ
إلا تحرك في أعطافها فننا
يا حادي العيس، ذا شعبي وذا وطني
ما ذاقت العين من أوجاعه الوسنا
إنّا فرشناه طيبا غامرا وندى
وقد ملأناه زهرا عابقا وسنى
وقد رفضناه سجنا نستريح به
وقد رضيناه كي نحيا به كفنا
وإن تلا الناس أشعارا على وطن
فقد تلونا على أوطاننا دمنا
كانت فلسطين يوما طينة، وغدت
لما نفخنا بها أرواحنا، وطنا.
لقد تعرض حبيب الزيودي إلى عمليات خطف أكثر من مرة، خطف من الحركة الوطنية، ليقول شعرا مادحا، وخطف من فضائه الواسع، ليحشر في زوايا لم تكن تناسبه وإنما تناسب خاطفيه، لكنه قبل أن يفارقنا بأيام، وفي رسالة إلى الزميل فهد الخيطان، أعلن براءته من تلك المرحلة لا بل هاجم أصحابها وذنبهم الذي “سلخه ليهز بذنبه الطويل الذي يلف عمان سبع لفات على طريقة الثعلب الهرم”.
في أيامه الأخيرة، كثّف حبيب من لقاءاته مع الأصدقاء القدامى، وتوسع ليمارس ما يمارسه كبار الشخصيات في عمان، حيث تحولت داره في العالوك إلى مكان لقاء الشخصيات السياسية ورؤساء الوزراء السابقين، يصالح فيها الغاضبين، ويعيد الحياة للمهمشين من الشخصيات.
وزارة الثقافة وأصدقاء الشاعر الجميل يُحيُون ذكراه اليوم الاثنين 27 / 10 ذكرى وفاته في دارته في العالوك وهذا أقل الوفاء لشاعر كتب بنبض قلبه ما جادت به قريحته الجزلة.
الدايم الله….