الطبيب المزيف والأحذية العلاجية!

محمد الرميحي- الأول نيوز –
طبيبة أمريكية في إحدى الولايات، ظهرت على جمهورها من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وتحدثت عن أنواع من المأكولات تمنع بعض الأمراض الخطيرة، بعد أن انتشر ذلك القول لجمهور واسع، ألقت السلطات الأمريكية القبض على تلك الطبيبة وقدمتها للمحاكمة، ونتيجة ذلك تم تجريدها من ترخيصها الطبي.
السؤال الجوهري هنا، لماذا ينجذب الناس إلى ما يسوق على أنه صحي؟ ربما ذلك يشكل حاجة البشر إلى العناية بصحتهم العامة، ولكن عندما تأتي النصائح من أشخاص غير مسؤولين، أو متخصصين أو تنقصهم المهنية، فإن ذلك يشكل خطراً على الجمهور العام. إنها تجارة الأمل باسم الغذاء، بل حتى الشفاء الإيماني!
في بعض فضائنا العربي، الأمور مختلفة تماماً، هناك من يستطيع أن يقول ما يريد من دون محاسبة، وبخاصة في الشؤون الشخصية والطبية وحتى الاجتماعية.
كثيراً ما يصل إلى الجمهور العام شخص يتحدث عن علاج مرض ما، ثم يصف هذا العلاج بوصفات شعبية، وهو يحلف بأغلظ الأيمان، أنه قام بتجربته، وقد أفاده خلال ثلاثة أسابيع فقط، فشفي من الحالة المرضية التي كان يعاني منها، يصدق البعض وربما كثيرون هذه الأفكار ويتبعونها، من دون نتيجة، ولكن لا محاسبة لذلك الشخص.
بعضهم يتحدث عن أنواع من الألبسة تصلح لمن يعاني أمراضاً معينة، أو أن يكون هناك شرابات لمرضى السكر، وأخرى لمرضى الدوالي، أو أن هناك أنواعاً من الفاكهة تساعد على شفاء مرض الكلى أو قرحة المعدة.
أما الترويج للعسل فهو مستمر ودائم، فترى عسلاً للنظر، وعسلاً للبشرة، وعسلاً لتقوية العضلات، أو للصحة الجنسية، كل هذه أشكال من الترويج التجاري المضر بالصحة العامة للمجتمع.

لقد تحولت الصحة إلى سلعة، ويمكن ترويجها ببساطة، كالدعوة إلى المكملات الغذائية، والأعشاب، وهي تسوق من دون ترخيص، ولا حتى مهنية. طبعاً هناك دافع نفسي واجتماعي لانخداع كثير من الناس بهذه الدعاية المضللة هي الرغبة في الخلود، والخوف من المرض، والبحث عن حلول سهلة للمشكلات الصحية.
التشريعات الصحية الأمريكية صارمة في هذا الموضوع، وتقوم بمحاسبة المخالفين، أما غياب أو ضعف القوانين الصريحة في العالم العربي، فهي السائدة. ما يمكن أن يعرف بالطبيب المؤثر أو خبير تغذية على الـ «إنستغرام» الذي يتجاوز العلم إلى التسويق منتشر من دون رادع.
لقد خلق الإعلام الحديث فضاء تذوب فيه الحدود بين العلم والإعلام، وأصبح المؤثرون يروجون لمنتجات من دون فهم علمي لها. أما مسؤولية الجمهور الذي من الواجب أن يتحقق من تلك المعلومات ومسؤولية الدولة، فمعدومة أو ضعيفة.
الترويج لبعض الملابس الصحية هي ارتباط الجسد بالمظهر، لذلك فإن الإغراء بالملابس الصحية أو الطبيعية تروج تجارياً بسهولة، وليس بالضرورة أنها صحيحة.
من هنا يتوجب الحديث عن فلسفة الوعي قبل الاستهلاك في المجتمعات الاستهلاكية كمجتمعاتنا، وتوفر الموارد المالية التي تسهل على هؤلاء القيام بتزييف الوعي العام، والترويج للبضائع وهي ليست كما يقال عنها، فالصحة لا تشترى في الأسواق، بل تبنى بالمعرفة والانضباط.
لقد غشى الفضاء الرقمي عدداً كبيراً من الذين يقدمون وجبات علاجية ووصفات غذائية تحت عناوين براقة كالقول (النظام المعجزة) أو (العلاج الطبيعي الآمن) إلى حد التناقض، فأصبحوا أكثر من الهم على القلب! وقد اكتسب بعضهم شهرة واسعة ومالاً وفيراً، ووصل البعض إلى وصف علاجات لأمراض مستعصية.
لقد تحولت الصحة في عصر الإعلام الجديد إلى أسواق مفتوحة تباع الحبوب والأعشاب والمكملات بوصفها حلولاً سحرية للأمراض المزمنة أو آلام الشيخوخة، من دون أي دليل علمي. ويعمل هؤلاء المروجون المشعوذون على استغلال جهل الناس والشوق للصحة والشباب لكسب الأموال، فيقدمون الأمل في كبسولة، أو الحياة في مشروب، وتوظف هنا العاطفة مقرونة بالجهل للترويج. الحاجة إلى تشريع ورقابة أصبحت ملحة لحماية الناس من المشعوذين.

عن Alaa

شاهد أيضاً

تغيّرت الأزمات وبقي الأردن قويّاً

  الاول نيوز – اللواء الركن المتقاعد حسان محمد عناب أكد جلالة الملك عبدالله الثاني …