فلسطين: من إنسان أريحا إلى الاحتلال الإسرائيلي الأخير

الأول نيوز – صلاح ابو هنّود
مخرج وكاتب

فلسطين قديمة قدم التاريخ، فـإنسان أريحا عاش على هذه الأرض منذ أكثر من عشرة آلاف عام، ليشهد بأن هذه الأرض ليست مجرد موقع جغرافي، بل ذاكرة الإنسان وحضارته. منذ ذلك الحين، ظلت فلسطين مركزًا للحضارات، ملتقى للقوافل، ومسرحًا للصراعات الكبرى، وموطنًا لشعوب تناضل للبقاء.

من القرن الثالث قبل الميلاد، تعاقبت على فلسطين عشرات الاحتلالات من كل والأمم. العبرانيون القدماء كان الاحتلال الاول وأقاموامملكة، ثم اجتاحتها الإمبراطوريات الكبرى: الآشوريون والبابليون دمروا المدن وسبوا المحتل السابق، الفرس جاءوا بعدهم، ثم الإسكندر الأكبر وورثته البطالمة والسلوقيون، وصولًا إلى الرومان الذين حولوا المدن إلى مراكز عسكرية ومدن استيطانية. هذه السلسلة الطويلة من الاحتلالات لا تترك شكًا في أن فلسطين كانت دائمًا هدفًا للقوة، لكن لم يُمس حقها في العودة أو الصمود.

بعد سقوط الرومان، أصبحت فلسطين تحت البيزنطيين، حتى جاء الفتح الإسلامي في القرن السابع الميلادي. بقيادة الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، دخل المسلمون القدس وفلسطين سلميًا، فاستلم عمر مفاتيح القدس من البطريرك المسيحي حُوّا بن قسطنطين، وعقد اتفاقًا يحفظ الحقوق الدينية لجميع السكان. منذ ذلك اليوم، صارت القدس وديار فلسطين عهدة المسلمين

القرون التالية شهدت محاولات صليبية وحروب تخرير مماليكية وايوبيه وعثمانية، وظلت فلسطين تحت حكم الإمبراطوريات حتى نهاية الحرب العالمية الأولى. بعد ذلك، تولت بريطانيا الانتداب على فلسطين، وكانت تلك الحقبة بداية لتوترات جديدة، إذ بدأت الهجرات الصهيونية المنظمة واستعداد الاحتلال الجديد في القرن العشرين.

في عام 1948، جاءت النكبة، حيث أُجبر مئات الآلاف من الفلسطينيين على النزوح من ديارهم، وراح قسم كبير منهم يعيش كلاجئ، تاركًا خلفه قرى ومدنًا دمرتها آلة الاحتلال الجديد. ثم جاءت حرب 1967، التي فرضت الاحتلال العسكري على الضفة الغربية وقطاع غزة، وظهرت سياسة الاستيطان ومصادرة الأراضي، محاولة لتثبيت واقع جديد على حساب الحق الفلسطيني.

رغم كل ذلك، فلسطين لم تفقد روحها، ولم تنكسر إرادتها، وظل شعبها محافظًا على هويته، يزرع الحياة في الأرض التي ظنّ الاحتلال أنه قادر على ابتلاعها. التاريخ يعلّمنا درسًا واضحًا: كل احتلال زائل، وكل قوة مؤقتة، والحقوق تعود دائمًا إلى أهلها.

الخاتمة — رسالة إلى نتنياهو وحلفائه

إلى نتنياهو وحلفائه: من العبرانيين الأوائل إلى الاحتلال العبراني الحالي، تعرّضت فلسطين لعشرات الاحتلالات من كل الإمبراطوريات والأمم، وكلها زالت. لن يكون الاحتلال الأخير استثناء
ليتذكّر التاريخ من سبقكم، وليتذكّر القانون الدولي والضمير الإنساني، وليتذكّر أن الأرض لا تُقهر إلى الأبد. فلسطين ستظل حرة، وشعبها صامد، وفشل الغزاة هو القانون الأبدي لهذه الأرض، الذي لن يتغير مهما طال الزمن أو تغيرت الأسلحة.

عن Alaa

شاهد أيضاً

مؤتمر العرب المسيحيين من وجهة نظر نقدية

الدكتور جورج الفارّ- الاول نيوز – كان انعقاد المؤتمر في حد ذاته إيجابيا ، فلأول …