النسور يستعرض إستراتيجية “البوتاس العربية” الناجحة في اختراق السوق الأوروبية

الأول نيوز – أكد الرئيس التنفيذي لشركة البوتاس العربية، الدكتور معن النسور، أن تحقيق الأمن الغذائي يتطلّب العمل على ركائز رئيسة، أهمها خلق نموذج اقتصادي مجدٍ للأنشطة الزراعية، وهو الأمر الذي يرتبط بصناعة الأسمدة والحاجة إلى تطويرها من خلال تبني نهج شامل يدمج الابتكار والتكنولوجيا والاستدامة في منظومة عمليات الإنتاج.

جاء ذلك خلال مشاركة الدكتور النسور في مؤتمر أرجوس للأسمدة في أوروبا لعام 2025 (Argus Fertilizer Europe Conference)، الذي جمع نخبة من الشركات الرائدة في صناعة الأسمدة والخبراء في مجالات الطاقة والزراعة لمناقشة مستقبل القطاع في ظل التحديات الاقتصادية والتنظيمية والبيئية المتزايدة.
وأوضح الدكتور النسور، أن القارة الأوروبية تشهد تغيرات هيكلية في قطاع الأسمدة الأمر الذي يؤثر بشكل مباشر على الأنشطة الزراعية، لافتاً إلى أن وباء فيروس كورونا والتحديات اللوجستية التي ارتبط بها، والحرب الروسية الأوكرانية وأثرها على قطاع الأسمدة والعمليات الزراعية، والسياسات والتشريعات التي وضعت للحد من مستوى الانبعاثات الكربونية كلها عناصر ساهمت بشكل مباشر على كلف إنتاج الأسمدة واستيرادها في القارة، وتنافسية صادرات الأسمدة والمنتجات الزراعية الأوروبية على المستوى العالمي.
وأشار الدكتور النسور إلى أن صناعة الأسمدة تحتل موقعاً محورياً على تقاطع الأمن الغذائي العالمي والاستدامة البيئية، مؤكداً أن تحقيق أداء عالٍ في الإنتاج الزراعي مع الالتزام باستدامة العمليات الإنتاجية يتطلب إستراتيجية متكاملة تجمع بين الابتكار التكنولوجي، وتطبيق مبادئ الاقتصاد الدائري، واستخدام الطاقة الخضراء، واتباع وتطوير الممارسات الزراعية المتخصصة.
وبيّن الدكتور النسور أن تمكين الأنشطة الزراعية على المستوى العالمي يتطلّب نهجاً متكاملاً تشكّل فيه الأسمدة عنصراً رئيساً في منظومة الإنتاج الغذائي المستدام، وذلك من خلال ضمان وصول المزارعين إلى عناصر تغذية متخصّصة بأسعار ميسّرة، ودعمهم بالمعرفة التقنية وأساليب الاستخدام الكفؤ للأسمدة، موضحاً أن تحقيق الكفاءة في القطاع الزراعي لم يعد يعتمد فقط على توافر المدخلات التقليدية، بل أصبح يرتكز على التكامل بين الحلول العلمية والتكنولوجية والمعرفية.
وأضاف الدكتور النسور، أن لشركات الأسمدة دوراً محورياً في هذا الإطار، فهي لم تعد مجرّد مورّدٍ للمنتجات، بل شريك أساسي في تطوير الزراعة الحديثة من خلال إنشاء سلاسل توريد مرنة تضمن الاستجابة السريعة لاحتياجات المزارعين، وتقديم حلول متكاملة تجمع بين الأسمدة والبذور وأجهزة الاستشعار والخدمات الإرشادية والتمويلية، بما يحقّق الاستخدام الأمثل للموارد ويُعزّز استدامة القطاع الزراعي عالمياً، مشدداً على ضرورة ترسيخ الشراكات بين الشركات والجهات البحثية والحكومات لابتكار حلول أكثر توافقاً مع متطلبات الأمن الغذائي العالمي وأهداف الحدّ من الانبعاثات الكربونية.
ولفت الدكتور النسور إلى أن القارة الأوروبية تسير بخطى حازمة نحو تطبيق سياسات تهدف إلى الحد من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، من خلال آلية تعديل حدود الكربون (Carbon Border Adjustment Mechanism – CBAM) ، والتوجيه المعدّل للطاقة المتجددة الثالث (Renewable Energy Directives – RED III).
وأوضح الدكتور النسور أن هذه السياسات، رغم أهميتها البيئية، ترتّب كلفاً إضافية على المنتجين الزراعيين وشركات الأسمدة، نظراً لما تتطلبه من التزامٍ صارم بمعايير الانبعاثات واستثمارات في التقنيات الخضراء ومصادر الطاقة النظيفة، مبيناً أن مواجهة هذه الكلف يستدعي تقديم دعمٍ للشركات والمزارعين، لضمان استمرارية أعمالهم وتحقيق جدوى اقتصادية لأنشطتهم الزراعية ضمن الأطر الجديدة للسياسات الأوروبية.
وأشار الدكتور النسور، إلى أن تطبيق هذه التشريعات خلق واقعاً تنافسياً جديداً في الأسواق العالمية، إذ بات المنتجون غير المشمولين بتعليمات خفض الانبعاثات، مثل بعض المزارعين في بلغاريا، يتمتّعون بميزة نسبية من حيث انخفاض الكلفة مقارنةً بنظرائهم في دول الاتحاد عند التصدير إلى أسواق مثل مصر ودول الشرق الأوسط، موضحاً أن هذا التفاوت قد يعيد رسم خريطة التنافس الزراعي العالمي ما لم تُعتمد آليات دعمٍ أكثر شمولية.
وأشار الدكتور النسور إلى أن آلية تعديل حدود الكربون (CBAM) ستوزع تكلفتها بين المستوردين الأوروبيين والمصدرين من خارج الاتحاد الأوروبي والشركات المحلية والمستهلكين، بهدف منع تسرب الكربون وضمان المنافسة العادلة، موضحا أن تطبيق هذه الآلية يتطلب مراقبة دقيقة للانبعاثات، وإجراء تعديلات في سلاسل التوريد، واعتماد مصادر طاقة نظيفة، إضافة إلى شراء شهادات الكربون كأداة للتحوّط ضد تقلبات الأسعار، مبيناً أن المتطلبات المعقدة للإبلاغ والتحقق تشكل عبئاً إدارياً على الشركات الصغيرة والمتوسطة، فيما قد تؤدي هذه الإجراءات إلى تغيّر أنماط التجارة العالمية نحو المورّدين منخفضي الانبعاثات.
وأوضح الدكتور النسور أن هنالك تحولات هيكلية واضحة في قطاع الأنشطة الزراعية، حيث تتجه المزارع إلى أن تصبح أقل عدداً وأكثر تخصصاً، مع تبنٍ واسع لمبدأ كفاءة الحجم، عازياً هذا التحول إلى مجموعة من العوامل تشمل الحوافز الاقتصادية المتمثلة في خفض التكاليف وإعادة استثمار الأرباح، واعتماد التكنولوجيا وتطور منحنيات التعلم، والسياسات الحكومية التي تشجع على الاندماج وتكامل الأسواق، إضافةً إلى العوامل الاجتماعية والثقافية وأنماط تعاقب الأجيال في ملكية المزارع.
وتطرق الدكتور النسور، إلى الدور المحوري للحكومات في توفير الدعم لضمان مرونة واستدامة القطاع الزراعي وذلك من خلال إجراءات تشمل الدعم المالي المباشر لضمان استقرار الدخل، ووضع سياسات تجارية توزان بين حماية الأسواق المحلية وتوسيع الوصول للأسواق العالمية، كما تتضمن حوافز بيئية مثل ؛مكافأة المزارعين الذين يحققون أهدافاً بيئية مثل ترشيد استخدام المبيدات، وتنظيم استخدام المياه، وضبط استخدام الأسمدة لحماية النظم البيئية، مؤكداً على أهمية دعم البنية التحتية والبحث والتطوير في مجالات الري والزراعة الدقيقة، وحماية حقوق الملكية الفكرية لتشجيع الابتكار، إلى جانب تطوير برامج التدريب والإرشاد الممولة حكومياً وحماية حقوق العمال الزراعيين.
وفي حديثه عن سبل الحفاظ على التنافسية العالمية في سوق الأسمدة، أوضح الدكتور النسور أن الشركات يمكنها مواجهة ارتفاع التكاليف والتشريعات المتزايدة عبر حزمة من الاجراءات الإستراتيجية تشمل ضبط انبعاثات الكربون في العمليات وتبني خطط التحول الرقمي، تزامناً مع إدارة مرنة للمخاطر التشغيلية عبر تنويع مصادر التوريد لتقليل الاعتماد على المناطق الجيوسياسية الحساسة، واختيار مواقع الإنتاج القريبة من مصادر الطاقة منخفضة التكلفة، والتحوّط ضد تقلبات أسعار الطاقة بالعقود الآجلة واتفاقيات توريد الغاز المسال.
وأضاف أن النمو الإستراتيجي يظل عنصراً حيوياً، وذلك عبر توسيع محفظة المنتجات لتشمل الأسمدة المتخصصة وحلول تغذية المحاصيل المتكاملة، والدخول في شراكات وعمليات اندماج واستحواذ. كما أكد أن الاستثمار في خدمات الزراعة المتخصصة والأمونيا الخضراء، ينسجم بدوره مع الأطر التنظيمية الناشئة ويفتح آفاقاً جديدة للإيرادات.
وفيما يتعلق بقطاع الأسمدة في السوق الأوروبي، أوضح الدكتور النسور أن هذا القطاع يُعد من أكثر القطاعات تعقيداً وحيوية لما يتسم به من نضج تقني إلى جانب خضوعه لمنظومة تنظيمية دقيقة. وأوضح أن الأسمدة التقليدية المعتمدة على النيتروجين ما تزال مهيمنة، لكنها تشهد تحولات هيكلية نحو منتجات أكثر استدامة انسجاما مع تشريعات الاتحاد الأوروبي الخاصة بضبط انبعاثات الكربون. ولفت الدكتور النسور إلى أن التحول نحو الأسمدة منخفضة الكربون يتطلب استثمارات ضخمة وتحديثاً تكنولوجياً شاملاً، مؤكداً أهمية تبني تخطيط إستراتيجي متوازن يراعي التكاليف قصيرة الأجل والحوافز طويلة الأجل للاستدامة، مشيراً إلى أن غياب آليات التحقق والمعايير النهائية حتى مطلع العام المقبل قد يؤدي إلى حالة من عدم اليقين التنظيمي في السوق الأوروبية.

عن Alaa

شاهد أيضاً

بمشاركة 400 درّاج من 11 دولة … انطلاق رالي “جوردان رايدرز” غداً لدعم السياحة في المثلث الذهبي برعاية زين

الأول نيوز – في خطوة تهدف إلى دعم السياحة في منطقة المثلث الذهبي (البتراء، ووادي …