حين يتحوّل القانون إلى سلاح: قراءة في قرار مجلس الأمن وخطر استخدامه لتبرئة إسرائيل من جريمة الإبادة

الأول نيوز – صلاح ابو هنود
مخرج وكاتب

لم يعد الجدل محصورًا في بنود قرارٍ أممي جديد، بل في المعنى الذي يُعاد إنتاجه من خلال لغةٍ سياسية تُراد لها أن تصبح حقيقة قانونية. فحين يصوّت مجلس الأمن على خطة تجعل المقاومة الفلسطينية «قوة إرهابية» يجب نزع سلاحها، ويوكِل تنفيذ الخطة لشخصيةٍ دولية مثيرة للجدل، فإن المسألة لا تبقى في حدود الإدارة الانتقالية أو إعادة الإعمار؛ بل تتحوّل إلى عملية إعادة تعريف للصراع نفسه: من صراع ضد احتلال إلى صراع ضد «تهديد إرهابي». وهنا يبدأ الخطر الأكبر.
أولاً — من توصيف سياسي إلى تغيير قواعد اللعبة
توصيف المقاومة بأنها «قوة إرهابية» داخل وثيقة أممية ليس تفصيلًا لغويًا. إنه حجر الأساس في معمار سياسي–قانوني جديد يُراد له أن يعيد تشكيل آليات الحكم على ما جرى في غزة.
فالتسمية ليست مجرد وصف، بل حكم يتضمن اعترافًا ضمنيًا بشرعية القوة المستخدمة ضد هذا الطرف، ويُنقل الصراع إلى الحيز الأمني، لا الحيز الحقوقي أو التحرري.
ثانيًا — التحيّز المُقنَّع: حين يصبح المحتلّ مشرفًا على “السلام”
تعيين شريك سياسي لإسرائيل في الحرب أو داعم مباشر لها لقيادة ما يسمى «مجلس السلام» ليس خطوة تقنية، بل إعلان واضح عن شكل المرحلة القادمة:
حلول تُدار من طرفٍ غير محايد، وإشراف دولي يُفترض أن يكون ضامنًا، لكنه يتحول إلى طرفٍ سياسي يسعى لإعادة ترتيب الأرض بما يخدم الرواية الأقوى.
وهذا يعيد إنتاج نمط تاريخي خطير:
سلامٌ يُصنع من خارج الضحايا، وبأدوات الفاعل نفسه الذي صنع الكارثة.
ثالثًا — أثر التوصيف على ميزان العدالة
في القانون الدولي، يكفي أن يُصنَّف طرف بوصفٍ معيّن حتى يُعاد تفسير كل ما يتعرّض له تحت هذا الوصف.
وإذا أصبح «نزع السلاح» إطارًا شرعيًا، فإن كل ما تقوم به القوة المحتلة من هدم، تهجير، أو قتل جماعي يصبح مغمورًا تحت مظلّة «العمليات الأمنية».
هذا لا يعني أن التهم تُرفع قانونيًا تلقائيًا، لكنه يضعف البنية الحجاجية التي يعتمد عليها أي ادعاء ضد إسرائيل أمام المحاكم الدولية.
رابعًا — إعادة صياغة الواقع الفلسطيني عبر “خطة انتقالية”
الخطر ليس فقط في البُعد القانوني، بل في نتائج ترتيبات ما بعد الحرب.
قوة دولية، إدارة انتقالية، وولاية أمنية خارجية على غزة — كلّها تُنتج واقعًا جديدًا يخشى الفلسطينيون أن يُستغل لإدامة الاحتلال بأدوات أكثر نعومة، وأقل صخبًا، لكن أكثر فعالية.
خامسًا — القرار كسلاح دفاعي لإسرائيل: كيف يمكن أن يُستخدم ضد الإدانة بالإبادة؟
هنا يكمن جوهر المسألة.
مجرد وجود قرار أممي يُدرج المقاومة في خانة «الإرهاب»
إن ما يجري هو مسخرة تاريخية مبكية:
أن تُرتكب الإبادة أمام العالم، ثم يُعاد تعريفها على الورق لتصبح “نزاعًا مع الإرهاب”.

عن Alaa

شاهد أيضاً

بناء شراكات بين الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني: رهان على تجديد الفعل الديمقراطي

الأول نيوز – د.مارسيل جوينات   في ظل التحولات الديمقراطية المتسارعة، باتت العلاقة بين الأحزاب …