الاتحاد العام لنقابات العمال في الأردن … دور فاعل ، وشريك في صياغة السياسات العمالية

الأول نيوز – محمد قاسم عابورة

تشكل النقابات العمالية حجر الزاوية في بناء العلاقات الصناعية المتوازنة ، فهي الدرع الواقي لحقوق العمال والجسر الذي يعبرون من خلاله عن تطلعاتهم المشروعة ، وفي خضم التحديات الاقتصادية والاجتماعية المتلاحقة ، يبرز دورها ليس فقط كمدافع عن المكاسب ، بل كشريك فاعل في صناعة السياسات ودفع عجلة التنمية ، وفي هذا المسار يتحول الاتحاد العام لنقابات العمال في الأردن من هيئة تقليدية محدودة الدور إلى مؤسسة وطنية شاملة ، تتبنى رؤية متجددة تستشرف المستقبل .
يعمل الاتحاد ضمن استراتيجية شاملة تستعيد من خلالها دوره الطبيعي كممثل شرعي وحقيقي للعمال ، حيث برهنت قيادة الاتحاد الجديدة على جديتها من خلال تبنيها لقضايا مصيرية بحرفية عالية ، وكان أبرزها ملف “الحد الأدنى للأجور” ، فقد تم متابعته بمثابرة وصبر وإخلاص، مما أعاد تأكيد موقعه كممثل شرعي لا يهادن في الدفاع عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للعمال. ولم يعد دوره مقتصراً على التفاوض ، بل تجاوزه إلى المساهمة الفاعلة في صياغة وتطوير التشريعات والسياسات المتعلقة بالعمل ، سعياً لتحقيق توازن دقيق بين حماية حقوق العمال ودعم النشاط الاقتصادي وضمان استدامة الوظائف.
وبفضل الدور المحوري للاتحاد العام لنقابات عمال الأردن وأمينه العام خالد الفناطسة ، تم تحقيق إنجاز نوعي للعاملين في قطاع التعليم الخاص ، وهو إقرار العقد الإلكتروني الموحد ، وقد جاء هذا الإنجاز تتويجاً لجهود النقابة والاتحاد في الدفاع عن حقوق العمال ، حيث تم صياغة هذا العقد كاتفاقية جماعية ملزمة مما يضمن حماية شاملة لحقوق العاملين ويضع حداً لممارسات الإستغلال والعشوائية التي كانت سائدة ، ويؤكد على دور الاتحاد الفاعل كشريك أساسي في صياغة السياسات العمالية التي تخدم مصالح المنتسبين وتحقق العدالة الاجتماعية.
لقد أدرك الاتحاد أن تمكين العمال يبدأ بالمعرفة ، فجعل من التوعية والتدريب ركيزة أساسية في استراتيجيته ، يعمل من خلالها بشكل منهجي على بناء جيل جديد من القيادات النقابية الواعية بحقوقها وواجباتها ، وتتجلى هذه الرؤية في برامج متعددة، أبرزها مشروع “قوة النقابات” الذي يطلق سلسلة جلسات توعوية تهدف إلى تعزيز معرفة العمال بحقوقهم وتمكينهم من المطالبة بها بفعالية ، كما يتوسع نطاق البناء ليشمل تعزيز دور المرأة والشباب ، عبر مبادرات مثل سلسلة الحوارات الوطنية “نحو أجندة عادلة وشاملة للمرأة” والتوصية بتخصيص كوتا لهم في الهيئات الإدارية ، في خطوة طموحة لدمج هذه الفئات الحيوية في مراكز صنع القرار .
ولم يغفل الاتحاد عن ضرورة مواكبة المستجدات ، فتنظيم جلسات حول قضايا عصرية مثل “الاقتصاد الأخضر والانتقال العادل”، والمشاركة في إطلاق دليل السلامة والصحة المهنية في القطاع الزراعي ، يعكس سعياً حثيثاً لربط حقوق العمال بمتطلبات العصر والتحولات العالمية ، كما يُكمل هذا البعدَ الاستباقيَّ التركيزُ على الحوار الاجتماعي البناء ، حيث تؤكد جلسات الحوار حول قضايا حساسة كـ “حماية الأمومة” على الدور المحوري للنقابات في بناء منظومة شاملة ومتينة للحماية الاجتماعية ، مما يجعل من التوعية أداة فاعلة لا للدفاع عن الحقوق فحسب ، بل لبناء مستقبل عمل أكثر إنصافاً واستدامة للجميع .
ويتجاوز دور الاتحاد الحدود الوطنية ليكون شريكاً فاعلاً على الساحتين الإقليمية والدولية ، فمن خلال توقيع أمينه العام السيد خالد الفناطسة لبروتوكولات تعاون مع نظائره في الاتحادات العربية ، والمشاركة الفاعلة في اجتماعات الاتحاد العربي للنقابات ، يوسع الاتحاد من تأثيره في قضايا محورية على مستوى المنطقة ، كما يُعد التعاون المستمر مع منظمة العمل الدولية ركيزة أساسية تثمر عن مشاريع مشتركة تعزز التبادل المعرفي وتدعم جهود اتطوير العمل النقابي ، في انعكاس واضح لرؤية تهدف إلى بناء تحالفات قوية على نطاق أوسع للدفاع عن حقوق العمال .
بات الاتحاد العام لنقابات العمال في الأردن، يدرك أن المعرفة قوة ، وأن البيانات هي الوقود الذي يغذي القرارات السليمة ، من خلال هذا الحراك النوعي والشامل ، يجعل الإتحاد أكثر من مجرد ممثل للعمال ، لقد تحول إلى منارة للوعي النقابي ، ومركزاً لصناعة قيادات مستقبلية ، وشريكاً استراتيجياً في بناء الاقتصاد الوطني ، إن رؤيته المتكاملة ، التي تجمع بين الدفاع عن الحقوق الاهتمام بأدوات العصر ومواكبة المتغيرات الاقتصادية ، تؤهله لأن يكون شريكا اساسيا في تحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة .

عن Alaa

شاهد أيضاً

بناء شراكات بين الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني: رهان على تجديد الفعل الديمقراطي

الأول نيوز – د.مارسيل جوينات   في ظل التحولات الديمقراطية المتسارعة، باتت العلاقة بين الأحزاب …