أسامة الرنتيسي –
الأول نيوز – في ظل طغيان الفوضى السياسية، ومحاصرة الأفكار الإيجابية، وتراجع منظومات الأخلاق والإنسانية والحريات على مستوى العالم، شطح خيالي إلى التفكير بالحلول الأمثل لبلادنا، فلم أجد سوى الإصلاح الشامل لمناحي الحياة جميعها.
فالاصلاح السياسي في الأردن لم يغب يومًا عن كتاب تكليف سامٍ، ولم يغب أيضا عن برامج أية حكومة أردنية، لكنّ مسار الإصلاح السياسي في الأردن دائما يتأرجح.. “خطوة للأمام وخطوتان للخلف”.
الأردن في حالة تمكنه من النجاح في إنجاز إصلاح سياسي بصورة متوازنة، فهو يتمتع بأوضاع جيدة من الاستقرار الأمني والوحدة الوطنية والعقلانية والنضج السياسي، ويتوفر لديه الكثير من التجارب والمؤسسات والبيئات اللازمة لنجاح الإصلاح السياسي. ولكن برغم ما بُذِلَ من جهود في السنوات الأخيرة للسير قُدُما بالاصلاح السياسي إلا أن نتائج التفاعل بين توزيعات وهياكل وآليات وقوى الحكم والتأثير في الأردن مع مجمل التطورات المحلية والإقليمية والعالمية الكثيرة، ومع إرادات القوى الشعبية.. لم تثمر حتى اليوم أية نقلة نوعية في هذا الاتجاه.
فالتعديلات الكثيرة على قوانين الانتخاب والأحزاب والاجتماعات العامة والصحافة والنقابات، ومن قبلها إقرار قوانين الإرهاب، تشكك كثيرا في جدية التوجهات نحو الإصلاح.
أفرغنا مؤسساتنا المساندة للإصلاح من مضامينها الحقيقية (مجلس النواب، النقابات، الأحزاب، الجامعات،….) وأصبحت مؤسسات من دون فعل سياسي وشعبي حقيقي، وبلا أوزان سياسية مؤثرة، والأهم أفرَغنا الانتخابات من جدواها وأصبحت “للي معه فلوس..”.
لكن، وفي ضوء معاني الإصلاح، وحتى نكون موضوعيين هل نستطيع القول إن لدينا إصلاحا سياسيا في الأردن، أم مازلنا نتلمس طريقنا نحوه؟ يمكن القول إننا بدأنا خطوات أولية في بداية تسعينيات القرن الماضي، وسرعان ما توقفت، ثم تراجعت مسيرتنا في مختلف المجالات، الحريات العامة، الممارسة الديمقراطية، الصحافة والإعلام، العلاقة مع الأحزاب والمؤسسات الأهلية ودورها في الاقتصاد والإدارة العامة وفعالياتها، وفي الوحدة الوطنية وقيم المجتمع، وفي مستوى المعيشة، وفي علاقاتنا العربية، كما أصبحت معاهدة وادي عربة لسنوات طوال إحدى نُظم الحياة العامة في مختلف المجالات، تراجعت كثيرا في السنوات الأخيرة بفعل التطرف الصهيوني والأطماع التي لا تتوقف في عقلية من يدير الكيان الغاصب، بعد أن أصبحت استحقاقاتها تتحكم بمفاصل علاقاتنا الداخلية والخارجية.
بوضوح أكثر، وخلافا لما يعتقده بعضهم، فإن تحديات الأردن المستقبلية المؤثرة في جهود الإصلاح الديمقراطي، أو بلغة أبسط وأدق، معيقات عملية الإصلاح الديمقراطي في الأردن هي في الأساس تحديات ومعيقات داخلية، أما العوامل الخارجية، بما فيها الإقليمية والدولية، فأثرها ثانوي مقاربة بالعوامل الداخلية.
الدايم الله…