أسامة الرنتيسي
المقابلةُ الطويلةُ (4489 كلمة) والنوعيةُ التي أجراها موقع العربية نت مع مبعوث جلالة الملك إلى السعودية الدكتور باسم عوض الله، لن تَمرّ مرور الكرام في الحياة السياسية الأردنية، وسيجلِدُها مَن يجلِدُ عوض الله في حضوره وغيابه، ويُقدّرها مَن يقرأ نَصّها مِن دون الاحتكام إلى الرأي الشخصي في تقويم عوض الله.
لأول مَرّة نسمع عوض الله يتحدث خارج نطاق الاقتصاد والاستثمار والتخطيط، يتعمّق في التحليل السياسي والاجتماعي والاستراتيجي والتغييرات التي أصابت بُنيان المجتمعات العربية بعد الربيع العربي.
عوض الله الذي لا يعشق الإعلام، وينصح المقربين منه بالتخفيف قدر الإمكان من الظهور الإعلامي، ظَهَرَ في المقابلة كأنه رجلُ دولة كُلّف بتشكيل الحكومة، يُقدِّم مشروعًا سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا متكاملًا، أو خبيرٌ مطلوبٌ منه تقديمَ وصفةٍ شاملةٍ لمعالجة المنظومة العربية التي تآكلت بعد الأزمات التي مرّ ويمرّ بها عديد من الدول العربية.
رؤية عوض الله لثورات الربيع العربي لا تختلف عن رؤية قيادات المعارضة المتشدّدة، حيث يرى ان انتشار الفقر والبطالة والجهل والتهميش وغياب العدالة من الأسباب الرئيسية التي أدت إلى ثورة الربيع العربي، وأن مطالب الشباب العربي بمجملها واقعية ومنطقية.
وعن الإصلاح السياسي في العالم العربي، يقول عوض الله: إن المنطقة العربية في أمس الحاجة إلى تطبيق أنموذج إصلاحي خاص بها ينبع من الداخل، يتلاءم مع خصوصيتها وطبيعة وقيم وأخلاقيات مجتمعاتها، للحد من التدخلات الخارجية بفرض نماذج ووصفات إصلاحية غربية وتطبيقها في مجتمعاتنا.
ويؤكد أن مبادئ المواطنة والاقتصاد المنتِج والاستقرار هي جزء من منظومة متكاملة لدولة الرفاه الحديثة.
وعن التعليم في الدول العربية، يرى عوض الله أنها تحتل مراتب في أواخر دول العالم في الاختبارات الدولية في العلوم والرياضيات، مطالبًا بتبني أنموذج جديد غير تقليدي للتعليم في العالم العربي، لأهميته في التعليم العالي والجامعات، وأن تدني نوعية التعليم يُعد من أهم العوامل التي تشجع الشباب في العالم العربي على التوجه نحو التطرف والعنف.
ويرى أن محاربة تنظيم داعش وغيره من التنظيمات الإرهابية عملية ينبغي أن تتسم بالشمولية، وتعالج جذور الأسباب المحفّزة لظهور مثل هذه التنظيمات المسلحة،ولو نجحت الحرب على تنظيم ” داعش ” وغيره من التنظيمات الإرهابية خاصة في سورية والعراق وليبيا ، فإن هذا النجاح سيبقى محدودَ الأثر، لأن الجذور الأساسية والأسباب الكامنة وراء هذه التنظيمات المتطرفة والعوامل المحفزة لانتشار أيديولوجيتها لدى الشباب العربي لاتزال قائمة بل متزايدة.
ولم ينس القضية المركزية، يشير عوض الله إلى أن تراجع فرص الوصول إلى تسوية عادلة للقضية الفلسطينية، والتدخلات الخارجية في المنطقة وانتشار الظلم والفقر وبطالة الشباب، وغياب المشاركة والشفافية والعدالة وتكافؤ الفرص وانتشار الفساد وتدني نوعية التعليم وما ينتج عنها من تهميش وإحباط وفقدان الأمل لدى الشباب العربي، كلها عوامل تشجعهمعلى التوجه نحو التطرف والعنف.
يختم عوض الله مشروعه المتكامل في مقابلته الصحافية بأن المنطقة العربية تحتاج خلال العشر سنوات المقبلة إلى توفير 60 مليون فرصة عمل جديدة لاستيعاب الداخلين الجدد إلى سوق العمل، وفي حال التوجه لرفع معدلات المشاركة الاقتصادية،خاصة مشاركة المرأة، فإن العدد المطلوب من فرص العمل سيزداد.
لا أعرف الدكتور باسم عوض الله شخصيًا، ولست من اصدقائه ومناصريه، وهاجمت مشروع الخصخصة الذي سُجّل باسمه، إلّا أنني أنصح الجميع بقراءة المقابلة بعين مُحايدةِ لا بعين الحُكْم المُسْبَق.
الوسوماسامة الرنتيسي الأول نيوز العربية باسم عوض الله
شاهد أيضاً
ضبط 28 حالة عمل أطفال في شهر واحد بالأردن
الأول نيوز – تعامل قسم تفتيش الحد من عمل الأطفال في وزارة العمل في كانون …