أسامة الرنتيسي –
الأول نيوز – بالله العظيم؛ إن فيديو الممرض الذي يسرق جرعات التطعيم ليتاجر بها، قد تَسبَّبَ في رفع ضغطي، وبت ليلة الأحد على الاثنين قريبًا جدا من جلطة متوقعة في أية لحظة.
شاهدت الفيديو عشرات المرات، وفي كل مرة أقول أمعقول أننا وصلنا إلى هذا الدَّرْك الأسفل من انعدام الأخلاق والمتاجرة في كل شيء حتى في حياة البشر.
توضيح وزارة الصحة أن هذا الفيديو ليس في الأردن أراحني قليلا، لكن عندما تبين أن هذا الفيديو في السعودية وصدر بحقه بيان رسمي من السلطات السعودية توضيحا لهذا الفعل القبيح حزنت على ما وصلنا إليه في ضرب منظومة الأخلاق التي تنظم حياتنا.
نحن؛ والعالم جميعا، نعيش هذه الأيام كابوس ضغط على صدورنا وحياتنا وأعمارنا وفرحنا أكثر من عام، وللأسف لم يغير كثيرا في سلوكنا بل زاد من الانهيارات الداخلية والنفسانية، وتوسع كثيرون في نشر فيديوهات بائسة تسهم في إضعاف مناعتنا الداخلية، وتحرمنا من أية طاقة إيجابية نحتاجها.
عموما؛ جولة بسيطة في مواقع التواصل الاجتماعي تصيبك بالغثيان، بسبب مستوى تعليقات بعض المشتركين الهابطة، الذين يحملون سيوفهم الخشبية في وسائل الإعلام الحديثة، في الفيسبوك وتويتر، وبعض الفضائيات، ويمارسون أبشع صنوف الحقد والكراهية واللغة البذيئة، ضد من لا تعجبهم أراؤهم، لا بل وصل المستوى في اللغة إلى هبوط لا يمكن معالجته إلا بالبتر وكشط الأوساخ من عقول عفنة، مُلفّعة بالبؤس والعتمة والضلال والسوء.
تقرأ تعليقات وعبارات منحطة، تستغرب من أي مستوى خرج أصحابها، ومن أية منظومة أخلاق ينضحون كل هذا العفن، وتحزن على حالنا نحن الذين نؤمن بحرية الرأي والتعبير وحق الآخر في إبداء رأيه مهما اختلفتَ معه، لتكتشف أن لا علاقة بين حرية الرأي وما ينشر في هذه الوسائل، حتى يدفعك هؤلاء إلى التشكيك في اصل وجود هذه الوسائل، والهدف من فتحها للعامة من دون أية رقابة قانونية أو أخلاقية.
أعترف أكثر بأنني أُصاب بالدهشة والفزع، وأنا أتابع ما ينشر في هذه الشبكات عن كل مفصل خلافي، وحجم لغة الكراهية والحقد المنتشرة في الفضاء الإلكتروني بحيث لو سقطت على الأرض (لا سمح الله) لأشعلت فتنًا وكوارث نحن في غنى عنها.
أصبح من السهل الآن أن تجلس في بيتك مواطنا صحافيا مقابل جهاز التلفزة وتسجل مقطعا من البرنامج المعروض ثم ترفع هذا المقطع إلى اليوتيوب، كما تستطيع خلال دقائق أن تنشئ صفحة على الفيسبوك وتربط بين الموقعين وتطالب بما تريد، حتى يمكنك التحول عن محطة التلفزة التي لا تحب إلى محطة أخرى بكبسة زر.. كما يسهل عليك إذا ما قرأت مقالا في صحيفة ولم يعجبك، أن تقرر إنشاء صفحة تهاجم فيها الكاتب أو تدعو فيها إلى مقاطعة الصحيفة.. وخلال ثوان سيرى العالم ما كتبت. إنها سلطة جديدة مثيرة لم يكن أحد ممن حلموا بحرية الإعلام على مر العصور يتخيلها.. سلطة تفوق سلطة الإعلام التقليدي بمراحل…
هذه السلطة الجديدة تحتاج إلى منظومة أخلاق تحميها لأن كل قوانين العالم لن تمنع عقل مُخرب من تنفيذ مآربه البائسة.
الدايم الله….