لنفسه محامٍ وعلى الآخرين قاضٍ

المهندسة قمر النابلسي –

 

الأول نيوز – في كل جلسة أو مناسبة تجد الكثير ممن ينتقدون الأوضاع في البلد ,الأخلاق التي تراجعت ,سلوكيات الناس التي تغيرت , وكيف بات من الصعب التأقلم مع هذا المجتمع مع ما استفحل فيه من آفات ,كذب ,نفاق ,فساد ,رشوة ,محسوبية ,واسطة وغيرها الكثير , ثم تجد من كان قبل قليل ينتقد الواسطة يميل على الشخص الجالس بجانيه ليتأكد أنه أوصل طلب التوظيف لإبنه الذي تخرج قبل أيام إلى عطوفته ,ويذكره كيف أثنى عطوفته على المنسف والكنافة الساخنة عندما كانوا ضيوفه قبل أيام ,فقد حرص – صاحب طلب التوظيف – أن تصنع الكنافة أمام عطوفته ليأكلها ساخنة .. فهو ضيف عزيز!!!

وعلى الجانب الآخر كان صاحب السيارة الحكومية التي حضر بها المناسبة التي ليس لها علاقة لا بعمله ولا بالمؤسسة التي يعمل بها , يتحدث عن الفساد بمؤسسته وكيف يستغل المدير وأعوانه والمحسوبين عليه مناصبهم للسفر والمكافآت غير المستحقة ,ويستخدمون سيارات الدولة وكذلك البنزين على حساب المواطن المسكين ,ثم سلّم وانسحب لأن لديه مناسبة أخرى فقد رزقت شقيقته بطفل ما شاء الله يشبه خاله , ليغادر بسيارة الدولة والبنزين على حسابي وحسابك!!

الشخص الذي تقلّد عدة مناصب وحمل لقب سعادة ثم عطوفة ثم معالي ثم ما شاء الله لقب دولة والذي يعرف القاصي والداني كيف استطاع بصعوبة اكمال تعليمه لضيق ذات اليد , وهو الآن مليونير يملك من المزارع والسيارات والقصور التي تجعل من يمر بجانبها يلتفت وتبقى رقبته ممصوعة إلى الخلف وهو يرى السور والأشجار فقط, وما خُط فوق المدخل الرئيسي (هذا من فضل ربي) والذي يعرف ربما 3.5 مليون من سكان الأردن فقط كيف حصل على ثروته وحجم قضايا الفساد التي كان هو أشهر أبطالها ,ثم يصرّ صاحبنا الذي كان بالأمس ينتقد الفساد ويطالب بمحاسبة الفاسدين ,أن يكون دولته ( ناهب أموال الوطن ) على رأس الجاهة التي ستذهب لطلب عروس ابنه , والأكيد على رأس الجاهة المستقبلة فاسد أكبر ,ويتفاخر بذلك !!

أما الشخص صاحب نظرية الشعب اللئيم والذي يشكو عند قيادة سيارته من تعامل السائقين ,الذين لا يسمحون للآخرين بالعبور من شارع فرعي أو في حالة الوقوف على جانب الشارع, أو حتى السماح للمشاة المساكين بالعبور بأمان مثل بلاد بره المتحضّرين الذين قبل الوصول إلى ممر المشاة تجد سياراتهم تبطئء في مسيرها احتراماً ومراعاةً لهم ,هناك في تلك البلاد من النادر أن تسمع صوت زامور, صاحب النظرية نفسه تجده يطلق زامور سيارته على الإشارة الضوئية ولا زال الضوء ينتقل من الأحمر إلى البرتقالي , وهو نفسه على استعداد للنزول حاملاً (القنوة) إذا إقتربت منه مركبة أخرى أو تجاوزته !!

إلى مُعارض أشبعنا إنتقاداً – بالفيديوهات والمقالات – لطريقة اختيار الوزراء ومدراء الهيئات والمراكز القيادية في البلد ,وسوء إدارتهم وفشلهم بالإصلاح ,هو ذاته بعد اختياره لمنصب – كان يحلم به – تجده مدافعاً شرساً عمن كان ينتقدهم بالأمس, ويقصي ويقمع ويطالب بتكميم الأفواه التي قد تفكر بانتقاده !!

على رأي المطربة رويدة عطية –الله يسّهل عليها – شو سهل الحكي ….

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

السادية في التعامل مع أهل غزة: حين يتحول الإيذاء إلى سياسة ممنهجة

الأول نيوز – [صلاح ابو هنود] مخرج و كاتب منذ ما يزيد على 17 عامًا، …