الدكتور أيمن سلامة –
الأول نيوز – أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الإسبوع ثلاثة قرارات متعلقة بالقضية الفلسطينية والجولان، فقد صوت أعضاء الجمعية العامة بالأغلبية الكبيرة على قرار بعنوان “تسوية قضية فلسطين بالوسائل السلمية”، حيث صوتت 148 دولة لصالحه، وعارضته 9 دول بينما امتنعت 14 دولة عن التصويت ، ويشدد القرار على تحقيق تسوية عادلة وشاملة لقضية فلسطين .
وبالإضافة إلي ذلك تم التصويت بالأغلبية على قرار بعنوان “الجولان السوري”، وذلك بتصويت 94 دولة لصالحه ومعارضة 8 دول وامتناع 69 دولة عن التصويت، ويشدد القرار، الذي قدمته مصر، علي أن استمرار احتلال إسرائيل للجولان السوري يمثل عائقا أمام الوصول إلي السلام العادل والدائم والشامل في المنطقة ، في حين القرار المعنون “القدس” فقد صوت لصالحه 129 عضوا، وعارضه 11 وامتنع عن التصويت 31 عضوا”، والذي قدمت مشروعه مصر أيضا، ينص على وقف التحريض، خاصة في الأماكن ذات الحساسية الدينية .
الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة هي الهيئة التمثيلية الرئيسية للأمم المتحدة، وتعد المنبر العام للمنظمة التي يتداول فيها أعضاء المنظمة كافة المسائل و القضايا و الشؤون التي تهم المنظمة ، وهذه مسألة أولية يلزم التنويه عنها وبغض النظر عن المقارنة بين إلزامية القرارات التي تصدر عن الجمعية العامة و تلك التي تصدر عن مجلس الامن .
من خلال القوة الرمزية لقرارات الجمعية العامة في العلاقات الدولية يمكن للمرء أن يجد حجة مقنعة باعتبار أن الجمعية تعد منتدى دولي ، حيث تمثل الجمعية العامة المكان الأنسب للحوار والمناقشة الدوليين في منظمة الأمم المتحدة ، ومن ثم فالقرارات التي تصدرها الجمعية تبلورو تعبرعن رأي ،ووجدان ، وعقيدة المجتمع الدولي للدول.
للجمعية العامة أن تناقش أية مسائل في نطاق ميثاق منظمة الأمم المتحدة، ولها أن تقدم توصياتها إلى أعضاء “الأمم المتحدة” أو إلى مجلس الأمن، كما تتولى الجمعية إجراء الدراسات وتقديم التوصيات بقصد: تعزيز التعاون الدولي في المجال السياسي وتشجيع التطوير التدريجي للقانون الدولي وتدوينه .
خلافاً لمجلس الأمن ، تتألف من ممثلي كافة الدول الأعضاء ، ولكل منها صوت واحد، وهذه أيضا مُسلمة قانونية تعكس القيمة الرمزية و السياسية أيضاً التي تحوزها القرارات التي تصدرعن الجمعية العامة خاصة حين تصدر هذه لقرارات بأغلبية كاسحة مثل القرارات التي ما فتئت تصدرها الجمعية تأييدأ لحقوق الشعب الفلسطيني و إدانة الإنتهاكات الخارقة لسلطة الإحتلال الإسرائيلي ، فضلاً عن القرارات التي تبطل كافة الإجراءات و التشريعات التي تصدرها سلطات الإحتلال الإسرائيلي و التي تنتهك مبادئ و قواعد القانون الدولي و القانون الدولي الإنساني و القانون الدولي لحقوق الإنسان .
تتطلب القرارات المتعلقة بالمسائل المهمة ، مثل تلك المتعلقة بالسلام والأمن ، وقبول أعضاء جدد وشؤون الميزانية ، أغلبية الثلثين ، و يتم التوصل إلى القرارات بشأن المسائل الأخرى بأغلبية بسيطة، و يمكن اعتماد هذه القرارات بدون تصويت أو تصويت يمكن تسجيله أو عدم تسجيله أو نداء الأسماء.
بالرغم أن قرارات الجمعية العامة لا تحوز القوة الإلزامية الإنفاذية تجاه الدول الأعضاء في المنظمة الأممية ، لكنها تحمل ثقل الرأي العالمي بشأن القضايا الدولية الرئيسية ، فضلا عن أن هذه القرارات تعكس و تكشف السلطة الأخلاقية للمجتمع العالمي دولاً و منظمات دولية.
يُضَيق بعض الفقهاء جُل نظرهم على قابلية قرارات الجمعية العامة للتنفيذ في أرض الواقع ، ويشيحون بوجههم عن جوهرو باعث ومغزي هذه القرارات ، وكون الأخيرة تشكل ببساطة القاسم المشترك الأدنى للمنبر العام لمنظمة الأمم المتحدة و التي تعد – مجازا – الهيئة التشريعية للمنظمة .
على الرغم من أن قرارات الجمعية العامة تتمتع بوضع قانوني محدود نسبياً، إلا أن هذه الحقيقة القانونية لا تعدم حقيقة واقعية أخري وهي التأثير الرمزي والسياسي ، فضلاً عن تأثير القرارات على القانون الدولي المعاصرذاته ، وخاصة القانون الدولي العرفي.
يلزم حين التعرض للطبيعة القانوينة و السياسية لقرارات الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة أن نضع في الإعتبار حقيقة أن تأثير القرار يختلف في نهاية المطاف وفقًا للظروف الخاصة التي صدر فيها ذلك القرار ، مثل الوقت الذي تم فيه تمرير القرار ، والقضايا الأساسية التي تناولها القرار و طبيعة صياغة لغة القرار ، و الأهم في ذلك السياق مدي تراكم القرارات التي تبنتها الجمعية حول مسألة أو قضية أو موقف أو نزاع معين مثل القضية الفلسطينية ، حيث يزعم بعض الفقهاء بإلزامية القرارات التي تصدر بتواتر يكاد يكون ممنهجاً لتناول ذات المسألة أو القضية أو الموقف أو النزاع .
حين يذهب البعض لتكييف القرارات التي تصدر عن الجمعية العامة بوصفها لا تعدو أن تكون مجرد أماني و طموحات سياسية غير إلزامية مثل البيانات و الإعلانات المشتركة التي تصدر عن المؤتمرات الدولية أو المباحثات القممية لرؤساء أو ممثلي الدول ، فهم يطمرون رؤوسهم في الرمال خاصة حين تصدر قرارات الجمعية العامة بأغلبية تتجاوز ثلثي الدول أعضاء الجمعية العامة للمنظمة ، وتتناول ذات القضية مثل القضية الفلسطينية تدليلاً .